حول اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية وجلسة الأمم المتحدة: ماكرون يمكن أن يروّج للمؤتمر كنجاح، لكن من غاب عنه أظهر ضعفه

هآرتس 

ترجمة حضارات 

ماكرون ووزير خارجية السعودية

تولى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قيادة مؤتمر الدولتين الذي افتتح أمس الاثنين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مقدماً مثالاً واضحاً على المألوف في الأمم المتحدة: الوعود بالكلمات دون أفعال ملموسة.

تحدث القادة ووزراء الخارجية وكبار المسؤولين عن تهديدات إسرائيل في الضفة الغربية، بما في ذلك مخاطر الضم الفعلي والقانوني، والعنف المستمر من المستوطنين، بالإضافة إلى القتل والطرد والجوع في قطاع غزة، مشددين على ضرورة التحرك. إلا أن "التحرك" اقتصر على إعلان الاعتراف بدولة فلسطين.

حتى هذه الجملة قالها علناً فقط عدد محدود من الدول الصغيرة: لوكسمبورغ، أندورا، مالطا وموناكو. وأوضح ماكرون أنه سيفكر في افتتاح سفارة في فلسطين بعد تحرير الرهائن ووقف إطلاق النار، في خطوة اعتبرها بعض المراقبين كنوع من "مكافأة" لإسرائيل على استمرارها في الحرب، رغم أن الحرب نفسها "لا يبررها شيء". وفي الوقت نفسه، اعتمدت بلجيكا، الدولة الثانية المهمة التي أعلنت عن الاعتراف، أسلوباً لفظياً مغايراً، حيث سيكون الاعتراف نافذاً قانونياً فقط بعد تحرير الرهائن.

اعترافات دولية محدودة

نجح التحرك الفرنسي-السعودي من ناحية عدد الدول المشاركة، حيث اعترفت عشر دول غربية خلال اليومين الماضيين بفلسطين، منها أربع دول ذات اقتصاديات كبيرة واثنتان من أعضاء مجلس الأمن الدائمين (فرنسا نفسها وبريطانيا). دخل ماكرون قاعة الجمعية العامة مكرماً، وبدأ المؤتمر بكلمة أكد فيها على مبدأ بسيط لكنه مهم: حياة الفلسطينيين لا تقل قيمة عن حياة الإسرائيليين.

غياب ولي العهد السعودي

مع تقدم المؤتمر، ازداد شعور الفقدان والإحباط. فقد غاب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي بادر بالتحرك جنباً إلى جنب مع ماكرون، عن المؤتمر تماماً، حتى في الخطاب المسجّل أو عبر الفيديو. بدلاً منه، ألقى وزير الخارجية فيصل بن فرحان خطاباً مختصراً وجافاً، واضطر ماكرون لمشاركة رئاسة المؤتمر مع شخص أقل منه منزلة.

خطاب أبو مازن

كان خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مؤثراً، حيث تطرق إلى الإصلاحات في التعليم، والتخلي عن نظام "الأسرى والشهداء" والانتقال إلى برنامج رعاية اجتماعية جديد، مؤكدًا أن دولة فلسطين ستكون ديمقراطية حديثة تقوم على التعددية، اللامركزية، سيادة القانون، المساواة، العدالة، وتمكين النساء والشباب. إلا أن الخطاب كان افتراضياً، تماماً كما هي الدولة التي يمثلها، حيث لم يتمكن من الحضور شخصياً أو مصافحة من اعترفوا بالدولة الفلسطينية.

انتظار موقف ترامب

مع اقتراب الجزء الثاني من المؤتمر، تم تقليص الوقت المتاح للخطابات إلى دقيقتين فقط لكل متحدث، وتم قطع الميكروفونات عن من تجاوز الوقت، في إشارة إلى أن مضمون الخطاب لم يكن محورياً. حالياً، انتهى التحرك الفرنسي-السعودي وجرى الاعتراف بدولة فلسطين، لكن الواقع على الأرض لم يتغير: آلاف القتلى، مئات الآلاف من المشردين، وشهور طويلة من الأسر للرهائن في غزة، في حين يظل المجتمع الدولي ينتظر موقف ترامب المرتقب اليوم في الأمم المتحدة.

المجتمع الدولي يثبت مرة أخرى أنه يفتقر إلى الإرادة والقدرة على مواجهة البلطجة والعنف والإرهاب.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025