من وقع في فخ من؟ أم أنه صراع الإرادات؟؟

.معاريف:
في الواقع — حماس ليست في الصورة على الإطلاق: اقتراح ترامب قد يتبيّن كخدعة
كل شيء سار وفق فرضية وزير الشؤون الاستراتيجية، بما في ذلك الحصول على موافقة البيت الأبيض لعرض "صورة النهاية" الإسرائيلية كـ"خطة النهاية" للرئيس ترامب. لكن المؤسف أن الجملة الأهم — "حماس توافق" — لم تُذكر هناك.

قبل نحو شهرين نُشرت الخطة الاستراتيجية لوزير الشؤون الاستراتيجية رون دارمر. في ذروة مفاوضات لم تُفضِ إلى اتفاق، وضع دارمر خطاً بسيطاً: إسرائيل لن تصل إلى تفاهمات حقيقية مع حماس لا في الدوحة ولا في القاهرة ولا في غزة. إذا وُقّع اتفاق، فسيكون عملياً مع واشنطن. هذه ليست فروق لغوية، بل منهجية: جعل الولايات المتحدة تتبنّى "صورة النهاية" الإسرائيلية وتعرضها كـ"خطة أمريكية". منذ تلك اللحظة، ترى إسرائيل نفسها رابحة في كل سيناريو. إذا قالت حماس نعم، حصلنا على تسوية بشروطنا؛ وإذا قالت لا، تنال إسرائيل شرعية دولية متجددة لمواصلة القتال. ليست حيلة ولا اختصار طريق، بل تأطير مدروس.

جوهر تلك الاستراتيجية كان خمسة بنود أقرّها الكابنيت كـ"صورة نهاية الحرب": نزع سلاح حماس، إعادة جميع الرهائن، نزع سلاح غزة بالكامل، سيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع بما يشمل محيطه، وإقامة إدارة مدنية بديلة لا هي حماس ولا السلطة الفلسطينية. هذه ليست أفكاراً جديدة، بل مطالب إسرائيلية قديمة، وفاعليتها تعتمد على العنوان: من يحمل الوثيقة، وبأي ختم، وعلى أي منصة تُعرض.

مساء الاثنين، في البيت الأبيض، شاهدنا نسخة العرض العلني لتلك النظرية: نتنياهو وترامب أمام الكاميرات، ساعة طويلة من تصريحات وابتسامات مدروسة، وحتى بعض النكات من جانب ترامب (فيما بدا نتنياهو بغير مزاج). الكلمات كانت ضخمة: "أفق جديد"، "شرق أوسط مختلف". لكن الجملة الوحيدة التي انتظرها الجميع — "حماس توافق" — لم تُقال. العرض كان محكماً، بلا أسئلة صحفية، وبرسالة واحدة واضحة: هذه هي الخطة، هذا هو الرؤية، وهذا هو الإطار الأمريكي. أما الطرف الثاني؟ لم يحضر.

الأمريكيون أوضحوا خلف الكواليس أن ترامب طلب إعلاناً فورياً. فهو لا يعتقد أن نتنياهو مستعد لإنهاء الحرب قريباً، لذا أراد "إحراجه" بتصريح مباشر على الهواء، ليفرض وقائع، على الأقل في العالم الافتراضي حيث تصنع الصور والأصوات واقعاً.

لكن على الورق فقط كان الأمر مبهراً. في الواقع — حماس ليست جزءاً من الصورة: لم توقّع، لم تحضر، لم تقل "نعم". من دون جواب من حماس يبقى هذا وثيقة أحادية الجانب، تضاف إلى رف مزدحم بخطط لم تُنفّذ. وهذا يفسر ربما قرار الاستغناء عن أسئلة الصحفيين: غياب رد الطرف المقابل يجعل أي سؤال تعرية لفراغ كبير.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن الإطار نجح. لم تمر ساعة على تصريحات ترامب ونتنياهو حتى سارعت دول عربية وإسلامية لتهنئة ترامب على "جهوده الصادقة" وللتعبير عن ثقتها بقدرته على إيجاد طريق للسلام: السعودية، الأردن، الإمارات، إندونيسيا، باكستان، تركيا، قطر ومصر. تخيّلوا لو أن النص نفسه عُرض في القدس على يد نتنياهو وحده: كم دولة عربية، أو حتى غربية، كانت ستُصدر بيانات دعم؟ هذه هي بالضبط قوة دارمر: ليس فقط المضمون، بل العنوان الذي يُطبع عليه.

دارمر تعرض لانتقادات كثيرة عبر السنوات من اليمين واليسار، في المعارضة والإعلام ومراكز الأبحاث. اتهموه بأنه دمّر الدعم الحزبي المزدوج لإسرائيل في أمريكا، وبأنه يركّز بشكل أعمى على الجمهوريين، وبأنه منفصل عن الواقع الإسرائيلي. لكن الوقائع حتى الآن تضعه في موقع الرابح. بثلاث خطوات مركزية قدم إنجازات: اتفاق مع لبنان منح إسرائيل حرية عمل، دعم أمريكي لعمليات ضد المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية، والآن — موافقة البيت الأبيض على عرض "صورة النهاية" الإسرائيلية كخطة النهاية لترامب.

الآن يأتي الامتحان السياسي. فحتى لو قال نتنياهو "نعم" مئة مرة، لا يصبح الأمر موقفاً رسمياً لإسرائيل قبل أن يمر عبر الكابنيت. وفي التركيبة الحالية للحكومة، إقرار الخطة ليس مهمة سهلة. ومع ذلك، لا يبدو أن نتنياهو قلق أكثر من اللازم. تحدث في الأيام الأخيرة مع إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش؛ ناقشوا "خطوطاً حمراء"، ما يمكن قبوله وما لا، لكن تهديداً سياسياً جدياً لم يبرز. ربما لأن الخطة بصيغتها الحالية تلبّي معظم المطالب الإسرائيلية، وربما لأن بعض الشركاء يفهمون أن الحسم سيكون بيد حماس، فلا داعي للتصعيد المبكر.

يضاف إلى ذلك شبكة أمان سياسية: بيني غانتس ألمح بعد بث البيت الأبيض أنه مستعد "لتقديم كتف". في السياسة الإسرائيلية، هذا بمثابة بوليصة تأمين في حال واجهت الائتلاف صعوبة في ابتلاع الخطة. ونتنياهو يدرك أنها فرصة أيضاً: "إنهاء الحرب" كلمات مفتاحية تُغري الجمهور المتعب، ويمكن بناء حملة انتخابية على هذا السرد — من عزلة دولية إلى اتفاق مع إنجازات؛ من استنزاف إلى إعادة رهائن. صورة قائد يجلب حلاً.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025