الجيش يُحذّر: قطر تعود إلى غزة... وسحب سلاح حماس مجرد وهم

يديعوت

ترجمة حضارات 

يوأف زيتون

تُسارع الولايات المتحدة إلى فرض وقائع على الأرض بإنشاء مركز تنسيق لإدارة آلية السيطرة على غزة، لكن الجيش الإسرائيلي يُحذّر من أن قطر ستكون الطرف المهيمن في تمويل إعادة الإعمار: "هم وتركيا والإخوان المسلمون – على عكس الإمارات ومصر". ويستعد الجيش لاحتمال جمود أو تأجيل المفاوضات في المرحلة الثانية، مع توصية بشن هجوم جوي على الأقل في حال عودة حماس.

خلال العام الماضي، صاغت المؤسسة الأمنية نموذجًا لهيئة عربية سنية أمريكية معتدلة تحكم قطاع غزة، من خلال قيادة فلسطينية محلية بدلاً من حماس. الهدف: إبعاد جماعة الإخوان المسلمين – أي قطر، الراعي الرئيسي للحركة – عن المشهد في اليوم التالي.

وفقًا لهذا النموذج، سيضم المجلس التنفيذي عناصر إدارية فلسطينية محلية وممثلين عن مصر والإمارات والأردن والولايات المتحدة، برئاسة شخصية متفق عليها مثل توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق. إلا أن اللحظة الحاسمة في التاسع من سبتمبر/أيلول قلبت المعادلة: فخلافًا لتوصيات رؤساء الأجهزة الأمنية، أمر نتنياهو بشن هجوم على كبار مسؤولي حماس في الدوحة. فشل الهجوم، واستغلت قطر ذلك للمطالبة باعتذار علني، مُراقب ومُصوّر، بل وأكثر من ذلك: تحديد النبرة بعد انتهاء الحرب.

سادت الرهبة الإسرائيلية تجاه قطر طوال الحرب، ليس فقط في قاعة الاعتذار بالبيت الأبيض، بل تسللت إلى عمق الميدان. في ذروة مناورات غزة في ديسمبر/كانون الأول 2023، صُنّف قصر السفارة القطرية في غزة، على الواجهة البحرية لحي أبراج الشيخ عجلين، "موقعًا حساسًا". لكن هذا لم يمنع مقاتلي جيش الدفاع الإسرائيلي من اقتحامه بنيرانهم وتخريب أثاثه الفاخر وخزائنه الممتلئة. وُبّخ المقاتلون، وبقي القصر قائمًا، متضررًا بعض الشيء لكنه قابل للإصلاح، وسط مبانٍ مهدمة.

تُظهر ملاحظة حديثة لرمز قطري آخر في القطاع مدى سماح إسرائيل لإمارة الإخوان المسلمين بالتواجد في غزة، ولو رمزيًا فقط: لا تزال المباني البرتقالية في حي حامد، الذي بناه القطريون بعد عملية الجرف الصامد غرب خان يونس، شامخة وسط الخراب، باتجاه البحر. لم يتضرر سوى بعضها جراء القصف. نفّذ جيش الدفاع الإسرائيلي عمليات في الحي مرتين خلال الحرب، لكنه لم يُسوّه بالأرض كما فعل في رفح أو شرق الشجاعية أو حي "عبسانيم"، الذي هُدمت فيه 2137 مبنىً في غارة "جدعون 1".

صرّح ضابط كبير في جيش الدفاع الإسرائيلي لموقعي Ynet وYedioth Ahronoth: "يجب ألا يكون لقطر، وبالتأكيد تركيا، موطئ قدم في غزة مرة أخرى". وأضاف: "الإمارات ومصر والأردن تكره حماس، وهي أكثر قلقًا على الفلسطينيين في القطاع. قطر موّلت حماس في السنوات التي سبقت 7 أكتوبر، بعشرات الملايين التي أدخلتها إسرائيل إلى غزة شهريًا. لا ضمانات بعدم إعادة هذه الأموال لتأهيل الجناح العسكري، وليس فقط لمشاريع إعادة الإعمار".

إدارة جديدة

زار الأدميرال براد كوبر، القائد الجديد للقيادة المركزية الأميركية، قطاع غزة أمس، وحاول طمأنة مضيفيه الإسرائيليين: لن ترسل الولايات المتحدة قوات إلى القطاع، لكنها ستنشئ مركز تنسيق أميركي على الأراضي الإسرائيلية، يضم 200 عضو، لضمان الإشراف على الإدارة المدنية الجديدة في غزة – بدون حماس.

عناصر حماس ينتقمون من "المطلوبين"

في نفس ساعات زيارة كوبر، حاصر مئات من عناصر حماس في مدينة غزة، بمن فيهم قناصة على أسطح المنازل، مبنىً يختبئ فيه مسلحون من إحدى الميليشيات التي كانت تعمل مؤخرًا تحت إمرة جيش الدفاع الإسرائيلي. حدث ذلك في حي الصبرة، الذي انسحبت منه القوات يوم الجمعة. أعلنت حماس للمسلحين: سلموا أنفسكم خلال 24 ساعة وإلا سنشن هجومًا على المبنى. في ذلك الوقت، كانت مشاهد الإعدامات المروعة، مصحوبة بانتهاكات تمهيدية من عناصر حماس تجاه المتعاونين، تنتشر بالفعل في أحياء غزة.

التمويل القطري والقلق الإسرائيلي

يطالب جيش الدفاع الإسرائيلي بمراقبة دقيقة لتوجيه الأموال التي ستضخها قطر في خزائن مجلس إدارة غزة الجديد، مشيرًا إلى أن هذا هو ما انتهت إليه جولات القتال السابقة. ليس من المستبعد أن يكون هذا سبب موافقة حماس على إعادة الرهائن مقابل إنهاء الحرب، وانسحاب الجيش، وإطلاق سراح معظم الإرهابيين القتلة من السجون.

ستكون قطر، بصفتها الممول الرئيسي لحماس، هي المسيطرة على آلية إدارة وإعادة إعمار القطاع. ومن الصعب تصور أن الدوحة ستتخلى عن هذه الحصة التي استثمرت فيها مئات الملايين من الدولارات في السنوات الخمس التي سبقت الغزو المدمر.

قال ضابط كبير: "تُثبت التجارب العالمية أن السبيل الأمثل لهزيمة المنظمات الإرهابية هو عزلها عن السكان". وأضاف: "سيكون من الصعب جدًا على حماس أن تُوظّف عاملًا آخر للسيطرة على السكان، وهو العامل الذي بنت من خلاله منظوماتها العسكرية، وخاصة الأنفاق، التي بدأت في ترميمها منذ اللحظة الأولى لوقف إطلاق النار".

الانسحاب المتحكم به

أكمل جيش الدفاع الإسرائيلي انسحابه بعد ظهر الجمعة، وبدأه يوم الخميس، حتى لا يؤخر الاتفاق. وعلى عكس الدعاية السياسية التي تحدثت عن سيطرة الجيش على 53% من أراضي غزة، فإن الخط الأصفر الذي يُمثل الانسحاب الأولي أقرب إلى الحدود، ديناميكي، ولم يُحسم بعد.

الحفاظ على هذا الخط، الذي يمر عبر مناطق مدمرة، ليس له أهمية عسكرية، لا للجيش ولا لحماس. تحتاج الأخيرة إلى المناطق الحضرية وسكانها لإعادة التأهيل، وقد استعادت معظم المساحة المبنية المتبقية في غزة، من مدينة غزة وجباليا شمالًا، مرورًا بالنصيرات ودير البلح، إلى معظم خان يونس وجزء من رفح – المدينة الوحيدة التي سُوّيت بالأرض بالكامل تقريبًا.

مع استخدام معظم فؤوس القطع في عربات "جدعون أ"، انسحب الجيش وأعاد قواته المدافعة خلال عطلة نهاية الأسبوع. المنطقة العازلة الجديدة أوسع بـ3 إلى 6 مرات من شريط البؤر الاستيطانية على الحدود. لكنها ليست مواقع انطلاق لهجوم جديد، بل ستُجرى المناورات من الحدود نظرًا لقصر المسافة.

ما بعد الرهائن

إذا تقدمت المفاوضات بعد إطلاق سراح الرهائن، فسيكون الانسحاب أقرب إلى الحدود. المبدأ المهم للجيش: السيطرة على خط التلال الذي يفصل النقب الغربي عن أعماق غزة. أما إذا فشلت مفاوضات المرحلة الثانية، فالجميع سيكون راضيًا: الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، الجمهور الإسرائيلي المنهك، رئيس الأركان زامير الذي يحتاج إلى تقوية الجيش، وحماس التي ستبدأ رحلة إعادة الإعمار، وحتى نتنياهو وسموتريتش، اللذان سيواصلان الادعاء بأن حماس هُزمت، وأن حلم الاستيطان لم يتبدد، لأن الجيش سيظل مسيطرًا على معظم غوش قطيف وتلال نيسانيت كجيوب.

نزع السلاح: وهمٌ سياسي

يبدو الآن أن نزع السلاح من القطاع أصبح ضربًا من الخيال. نجح الجيش في نزع معظم الأسلحة الثقيلة، مثل الصواريخ، ودمر صناعة الأسلحة داخل القطاع، وسد طرق التهريب عبر طريق فيلادلفيا. لكن السيطرة الكاملة على غزة، ونزع سلاح حماس بالكامل، لا تزال بعيدة عن الواقع.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025