موقع N12
يجب أن يتغير السرد: السبب الذي يجعل حماس ترفض نزع سلاحها
الكاتب: العميد (احتياط) يوسي كوبرفاسر
تسعى خطة ترامب إلى اقتلاع الجذر العميق للمشكلة في غزة، والمتمثل في “سرد المقاومة ضد إسرائيل”، عبر بناء واقع جديد في غزة والمنطقة يسمح بإقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل وجيرانها، ويضمن أن لا تعود غزة قاعدة لشنّ هجمات ضد إسرائيل في المستقبل.
الشرط الأساسي لتحقيق هذا الهدف هو أن تمرّ غزة بعملية نزع للتطرف تنتهي بعدم سيطرة جهات متشددة عليها.
ولتحقيق ذلك، يجب أن يتغير السرد الفلسطيني من سرد يتركز حول نفي حقّ إسرائيل في الوجود وتمجيد النضال ضدها بكل الوسائل، إلى سرد جديد مستعد لإقامة علاقات سلام مع “دولة الشعب اليهودي”.
وهذا هو جوهر الإصلاح الذي طالبت به خطة ترامب للسلام والازدهار، والذي سيُطلب من السلطة الفلسطينية تطبيقه كشرط لمشاركتها في حكم غزة مستقبلاً.
العقبة السردية التي تمنع حماس من نزع سلاحها
يدور الجدل الفلسطيني اليوم حول كيفية تسجيل هجوم 7 أكتوبر في الذاكرة الوطنية. وقد بلغ ذروته مع إحياء الذكرى الثانية للهجوم ومع عرض خطة ترامب.
المتحدثون باسم حماس وجدوا أنفسهم في موقع دفاعي، محاولين تبرير العملية في وسائل الإعلام، في حين انتقدت وسائل إعلام عربية وإسلامية حتى المقرّبة من محور إيران والإخوان المسلمين، النتائج الكارثية التي جلبها الهجوم على الفلسطينيين وعلى المحور الإيراني ككل.
صحيح أن القضية الفلسطينية عادت إلى واجهة الاهتمام، وأن مئات الأسرى أُفرج عنهم، وأن مظاهرات التأييد انتشرت في الغرب، وأن بعض الدول الأوروبية اعترفت بـ“دولة فلسطينية وهمية”،
لكن على أرض الواقع كانت الخسارة هائلة للفلسطينيين جميعاً، بما في ذلك حماس نفسها.
وبحسب الكاتب، فإن اختبار الحقيقة هو ما إذا كانت حماس ستوافق على نزع سلاحها والتخلي فعلاً عن السيطرة على القطاع وفق خطة ترامب، أم ستواصل الرفض أو تحاول الالتفاف عبر “نزع السلاح الهجومي فقط”.
حتى الآن، ترفض حماس ذلك، وتقوم بتثبيت حكمها عبر تصفية الحسابات بعنف مع العائلات المقرّبة من حركة فتح.
ويرى الكاتب أن رفض حماس لا ينبع فقط من رغبتها في البقاء في السلطة، بل من إدراكها أن نزع السلاح يعني الاعتراف بالخطأ وبالذنب.
العوامل التي دفعت حماس لتليين مواقفها جزئياً
1. العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة أقنعتها أن إسرائيل جادة في الإطاحة بها بالقوة.
النية الحازمة لإسرائيل، رغم الضغوط الدولية والداخلية، خلقت أزمة داخل حماس وأضعفتها ميدانياً.
2. تصاعد غضب السكان في غزة، وفقدان الحركة السيطرة الكاملة، خصوصاً مع نشاط “صندوق غزة الإنساني” وتزايد عدد مراكز المساعدات.
3. الضغط الاقتصادي الناتج عن إخلاء السكان من المدينة، مما أضعف قدرة حماس على الاستفادة من المساعدات الإنسانية.
4. الضغط الدولي والعربي بقيادة الرئيس ترامب وبدعم من قطر وتركيا، اللتين وعدتا واشنطن بأن حماس ستفرج عن الأسرى وتلتزم ببنود الخطة.
أدوات الضغط المقترَحة على حماس
التهديد العسكري الجاد: إذا لم توافق حماس على نزع سلاحها، يجب على إسرائيل، بدعم أمريكي كامل، التلويح باستئناف الحرب.
تحريك الرأي العام الفلسطيني: ربط فتح معبر رفح وزيادة المساعدات وإعادة الإعمار بنزع سلاح حماس واستعادة جثث الأسرى.
الضغط على الوسطاء (تركيا وقطر): إبلاغهم بأن فشل تنفيذ البند المتعلق بنزع السلاح ستكون له عواقب على علاقاتهم مع الولايات المتحدة.
المسار الدبلوماسي: تعزيز التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية، وإقناع الدول الأوروبية بعدم الاعتراف بدولة فلسطينية منفصلة عن الخطة الأمريكية.
الخاتمة
يرى كوبرفاسر أن خطة ترامب هي الخطة الوحيدة الممكنة لمرحلة ما بعد الحرب، وهي تتماشى مع مصالح إسرائيل:
إطلاق سراح جميع الأسرى.
نزع سلاح حماس بالكامل.
تخليها عن الحكم في غزة.
بقاء السيطرة الإسرائيلية على المحيط وعلى ممر فيلادلفي.
استبعاد السلطة الفلسطينية حتى تُجري إصلاحاً جذرياً.
منع عودة غزة كمركز لعمليات ضد إسرائيل.
بدء عملية “نزع التطرف” وبناء أرضية لتوسيع اتفاقيات أبراهام.
ويختم الكاتب بالقول إن الإشارة في الخطة إلى احتمال إقامة “دولة فلسطينية في المستقبل البعيد” ليست تنازلاً، بل أداة لتسهيل التطبيع مع الدول العربية، في حين أن أي اعتراف غربي بدولة فلسطينية حالياً هو خطوة “سخيفة”، لأنها تتناقض مع الخطة الأمريكية نفسها.
كما يرى أن التطرف اللفظي لليمين الإسرائيلي ضد إقامة دولة فلسطينية ساعد في المفاوضات، لأنه وفر مساحة مرونة تفاوضية، “تماماً كما في قصة الماعز في المثل الإسرائيلي”.
الكاتب: العميد (احتياط) يوسي كوبرفاسر
رئيس شعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية سابقاً، ورئيس معهد القدس للإستراتيجية والأمن حالياً.