تتابع مؤسسة العهد الدولية بقلق بالغ التطورات المتسارعة داخل أروقة كنيست الاحتلال، والمتمثلة في المصادقة بالقراءة الأولى على قانون الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين من قبل لجنة الأمن القومي التابعة للاحتلال، وتؤكد ما يلي:
إنّ هذا القرار يشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاكًا فاضحًا لكل المواثيق والأعراف الدولية، وفي مقدّمتها اتفاقيات جنيف، التي تُلزم قوة الاحتلال بحماية الأسرى وضمان حقوقهم القانونية والإنسانية.
لقد مارس الاحتلال الإسرائيلي فعليًا، وعلى مدار عقود، سياسات الإعدام خارج نطاق القانون بحق الفلسطينيين، سواء بالإعدام الميداني أثناء الاعتقال، أو القتل تحت التعذيب، أو الإهمال الطبي المميت، أو الإخفاء القسري ، وما يجري اليوم ليس سوى محاولة جديدة لـ شرعنة جريمة قائمة منذ زمن، عبر غطاء تشريعي وسياسي فاشي.
وتؤكد مؤسسة العهد أنّ ما يحدث داخل سجون الاحتلال يرقى إلى مستوى سياسات إعدام بطيء ممنهجة، أدّت إلى استشهاد عشرات الأسرى، حيث بلغ عدد الشهداء الأسرى منذ اندلاع حرب الإبادة وحتى بداية تشرين الثاني / نوفمبر 2025 (81) شهيدًا، وهو رقم مرشح للارتفاع في ظل استمرار جرائم التعذيب والتصفية والإخفاء القسري، خصوصًا بحق معتقلي قطاع غزة.
إنّ مشروع " قانون الإعدام" ليس جديدًا، بل هو امتداد لأنظمة استعمارية قديمة ورثها الاحتلال عن الانتداب البريطاني، غير أنّ إعادة طرحه اليوم تأتي في سياق تصاعد الخطاب اليميني المتطرف داخل حكومة الاحتلال، بقيادة رموز الفاشية مثل إيتمار بن غفير وأعضاء من حزبي الليكود وإسرائيل بيتنا، الذين جعلوا من هذا القانون مطلبًا سياسيًا يربط بقاء الائتلاف الحكومي بإقراره.
وتحذّر مؤسسة العهد من أنّ المضي في هذا المسار التشريعي يؤسس لمرحلة أكثر دموية، في ظل استمرار الحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني، داخل السجون وخارجها.
كما تدعو المؤسسة المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية والأممية، وفي مقدّمتها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والتدخّل العاجل لوقف هذا التوجّه الإجرامي ومحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها المتواصلة بحق الأسرى.
وفي الختام، تؤكد مؤسسة العهد الدولية على ضرورة توحيد الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي في مواجهة هذه السياسة الفاشية، ودعم صمود الأسرى وحماية قضيتهم باعتبارها قضية وطنية وإنسانية عادلة تمسّ جوهر النضال الفلسطيني وكرامة الإنسان.