بسم الله الرحمن الرحيم
جيل مقدسي جديد
قام الاحتلال الصهيوني وعلى مدى السنوات التي فرض فيها أجنداته التهويدية على القدس، بمحاولات حثيثة من أجل تغيير العقل الوطني والجمعي للسكان الفلسطينيين في المدينة المقدسة وضواحيها من خلال عدة مسارات.
الأهم منها كل ما يتعلق بالجانب الثقافي والتربوي، بحيث أصبحت المدارس التعليمية تتبع للمؤسسات الصهيونية المعنية، والتي يتم فيها إعادة صقل العقل الفلسطيني بمفاهيم ومصطلحات ومعاني مشوهة تخدم المشروع الصهيوني، والتي تؤتي أكلها عندما يتم وضع الجمهور المستهدف أمام خيار مواجهة الاحتلال كقوة معادية تهويدية في القدس، أو أن ينسحب من المعركة بما يتوافق مع المفاهيم والمصطلحات التي أُشبع منها على مدار سنوات دراسته، والتي وجهته إلى الحياد أمام العدو الصهيوني، والتي للأسف في بعض الحالات أن يتحول إلى نصير وداعم لصالحه.
الأخطر مما سبق على أهميته، هو استهداف الجمهور الفلسطيني بالانحرافات المتعددة، ومن أوضحها بث المواد المخدرة بين الشباب بشكل منظم، من أجل صرف الجمهور الفلسطيني إلى مستويات أخلاقية واجتماعية منحدرة، والتي تتركه ضحية لتلك الانحرافات، مما يشكل الفراغ المناسب للاحتلال، والذي يسمح له باستهداف الوجود الفلسطيني.
هذا من جانب، لكن من جانب آخر كان هناك دائمًا حضور لقوى المقاومة المتعددة، والتي منها الجمعيات الأهلية الوطنية، كالنوادي والمؤسسات الاجتماعية والرياضية، وأيضًا فصائل المقاومة وعلى رأسها المقاومة الإسلامية.
هذه القوى كانت تشكل العامل المقاوم والضاغط على الاحتلال ومشاريعه في المدينة، من خلال نشر الحقائق والمعاني الوطنية، وصولًا إلى المواد التربوية والتحريضية، والتي يتم بثها في المجمل بشكل سري بين المجموعات الشبابية، والأبرز في هذا الجانب هو حلقات العلم والمذاكرة والنقاش داخل أروقة وساحات المسجد الأقصى، والتي تعتبر من أهم الأدوار فعالية كونها ترتبط بقداسة المكان الدينية والتاريخية والوجدانية.
وسط كل هذا كان هناك الاستهداف المباشر للشباب المقدسي بالاعتقال لدى الاحتلال الصهيوني، الاعتقال بحد ذاته هو وقفة مع الذات لمراجعة الأهداف مع الإمكانيات، لكن ما غفل عنه الاحتلال هو أن الاعتقال بالنسبة للفصائل الوطنية والإسلامية يعتبر من أهم الإمكانيات التي يجب استغلالها لإعادة ترتيب الأولويات والأفكار لدى جمهور المعتقلين من خلال ثقافة المقاومة والمواجهة المتعددة، والتوعية الدينية والوطنية وصولًا إلى التنظيمية والأمنية، وعليه أصبح الشباب المقدسي صاحب فكرة ووعي مكنه من اتخاذ القرار المناسب في الميدان أمام المخاطر اليومية التي يفرضها الاحتلال الصهيوني على الوجود الفلسطيني وهويته المعبرة عنه.
جزء من الإشكال هنا هو الشخصيات التي لها علاقة مع سلطة أوسلو ومن بعد دايتون في رام الله، كون هذه الشخصيات تحمل أجندات تعتبر ضمن الميزان الوطني مناصرةً ومتحالفةً مع العدو الصهيوني، كون الأساس لهذه السلطة قائم على مسألة التنسيق الأمني المقدس العابر للحدود بالنسبة لأصحابه، مما يجعل سياق هذه الشخصيات العملي متوافق ضمنيًا مع المخططات الصهيونية في المدينة.
ومن الفعاليات التي تقوم بها تلك الشخصيات، صرف الجمهور الفلسطيني عن أهدافه الوطنية والاستراتيجية إلى مسارات التجهيل والإلهاء عن القضايا المصيرية، وعليه يعتبر الخطر على الجمهور المقدسي والشباب تحديدًا مركبًا من قبل الاحتلال الصهيوني وأتباع سلطة أوسلو، إلا أن الشباب المقدسي بوعيه الجمعي المقاوم قادر على أن يغير طبيعة الصراع في الميدان مع دعم غير مشروط من قوى المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها الإسلامية.
الأسير/ إسلام حسن حامد
27 نيسان-2021م