التسنزورة وسقوطها في امتحان الوطواط

يحيى حاج حمد

أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية

بقلم يحيى الحاج أحمد  

باحث في حضارات  

5-1-2022  

التسنزورة أو ما يعرف بالرقابة العسكرية الإسرائيلية على الصحافة والإعلام، هذا الجهاز الذي استطاع ومنذ تأسيس دولة الاحتلال وحتى وقت قريب أن يكبح جماح وسائل الإعلام التقليدية ويكون الآمر والناهي في نشر أي معلومة أو حذفها لم يعد قادراً اليوم على لجم وسائل التواصل الاجتماعي وبث سيطرته عليها، فقد أظهرت حادثة سقوط الطائرة العسكرية الوطواط عند شواطئ حيفا ليلة الاثنين 3-1-2022،  الفجوة الكبيرة بين التسنزورة وأهدافها المطلوبة حين بقيت الأولى مصرة على منع نشر بعض المعلومات الهامة حول الحادث في وسائل الاعلام المقيدة في حكمها وقرارتها، في حين لم يبقَ بيت حضر ولا وبر (حتى المراقب العسكري ذاته!)، إلا وكان يتابع عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحظة بلحظة مشاهد سقوط الطائرة بكافة تفاصيلها.

لم تكن حادثة الطائرة الوطواط هي التحدي الأول للتسنزورة أمام مواقع التواصل، بل سبقها الكثير والكثير، وما الحرب الأخيرة على غزة سيف القدس عنّا ببعيد، عندما لم تبخل مواقع التواصل الاجتماعي من نشر كل ما يراه أعضائها المقدّر أعدادهم بمئات الآلاف على الأقل والمتواجدون داخل أراضي 48، مما أثار غيظ تسنزورة حينما فشلت في حجب الكثير من المعلومات والمشاهد المصورة، ويأتي هذا رغم كل المحاولات الحثيثة من قبل الرقابة العسكرية للسيطرة ولو نسبيًا، على المعلومة داخل هذه المواقع مستخدمة أساليب ووسائل عديدة، ولعل أبرزها إظهار أهمية التقيد والالتزام من قبل المجتمع الإسرائيلي بقرارات الرقابة العسكرية بخصوص نشر المعلومة أو عدم نشرها، وعلى ما يبدو لم تحظى تسنزورة بانتصار في مواجهتها أمام مواقع التواصل الاجتماعي الواسعة الانتشار داخل المجتمع الإسرائيلي.
 فهل حقيقةً فقدت التسنزورة نجاعتها أمام مواقع التواصل الاجتماعي؟، وأمست شكلاً بلا مضمونٍ داخل أروقة البيروقراطية؟،
أم أنّها ما زالت قادرة على الوصول إلى أهدافها وتحقيق مآربها؟  

يمكن القول والإجابة على السؤال الأول أن التسنزورة فقدت الكثير من سيطرتها على المعلومة، خاصة في الأماكن التي تصل إليها عيون الأعضاء في السوشيال ميديا، وبالتالي فإن تحيق أهدافها أصبح محدود، مقارنة بما قبل ظهور الإعلام الجديد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023