ندوة سياسية .. صفقة تبادل الأسرى بين الفرص والتحديات

ندوة سياسية .. صفقة تبادل الأسرى بين الفرص والتحديات



نظم مركز حضارات للدراسات السياسية والاستراتيجية بالشراكة مع الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية- غزة، ورشة سياسية بعنوان "حرية الأسرى بين الفرص والتحديات"

جاءت الورشة في إطار الحرص على إحياء يوم الأسير الفلسطيني، بمشاركة واسعة من النخب المثقفة والصحفيين والباحثين والأسرى المحررين، وقادة الفصائل الفلسطينية على رأسهم د. خضر حبيب عن الجهاد الإسلامي، ود. باسم نعيم عن حماس، وأ. محمود خلف عن الجبهة الديمقراطية، وغيرهم من قادة القوى الفلسطينية المختلفة، الذين أجمعوا على ضرورة تدشين استراتيجية سياسية وقانونية لإنجاز صفقة تبادل جديدة؛ للإفراج عن الأسرى، بكافة الوسائل المباحة.  

استعرضت الورشة أوراق علمية عدة بمنهجية موضوعية شاملة، تقف على قضية الأسرى سياسيًا وتاريخيًا وإنسانيًا وقانونيًا، وقد قدمت هذه الأوراق بحيث يمكن للباحثين والمهتمين الاستفادة منها، وبناء استراتيجيات عدة؛ لوضع خطط مختلفة في سبيل حرية الأسرى.  

وقفت الورشة على أربعة محاور هامة شاملة، أبرزها:  

■ تاريخ صفقات تبادل الأسرى مع الاحتلال، للباحثة إيمان النخالة.  

■ حقوق الأسرى في القانون الدولي، للباحث إسلام عواد

■ حرية الأسرى بين الفرص والتحديات، للباحث حازم حسنين.  

■ العقبات الإسرائيلية الداخلية لإنجاز صفقة تبادل، للباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد.  



الأسرى والمسرى عقيدة

افتتحت الورشة بكلمة د. باسم نعيم، رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية- غزة، وقال بأن حرية الأسرى دين في أعناق فصائل المقاومة، وحريتهم فريضة شرعية وواجب وطني.  

مؤكدًا على أن عقيدة الشعب الفلسطيني تربط بين الأسرى والمسرى، ويدفع الغالي والرخيص، وسقطت القوافل تلو القوافل في سبيلهما.  

وأوضح نعيم بأن قيادة المقاومة قدمت كل ما هو مطلوب لإنجاز صفقة تبادل جديدة، أعظم من الصفقة الأولى، لكن الاحتلال لا زال يتجرع ألم الصفقة الأولى، وهو أضعف من الإقدام على أبرام صفقة جديدة.  

معتبرًا الوقت الإضافي هو فرصة المقاومة لزيادة الغلة؛ لتحقيق فرص أفضل لتبيض السجون.  

وشدد نعيم على أن ملف الأسرى يحتل القمة في الأجندة الفلسطينية لدى فصائل المقاومة، فالإنسان بمثابة أداة تحرير، وهدف للتحرير أيضًا.  

متهمًا المجتمع الدولي بالفشل الدائم في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، وعجزه على إجبار العدو بإطلاق الأسرى باعتبارهم أسرى حرية ومعتقلين سياسيين.  

وقد وصف اهتمام المجتمع الدولي، بمصير شاليط ومطالبتهم الدائمة بالإفراج عنه، هو نفاق دولي؛ فالإنسان هو الإنسان والحرية لا تتجزأ.  

وفي ختام كلمته عرج نعيم على الأحداث في المسجد الأقصى، وشدد على ضرورة إجبار الاحتلال على المحافظة على الوضع القائم، وجوهره أن الأقصى مكان عبادة للمسلمين فقط، ولا مكان ولا زمان فيه لأي من قطعان المستوطنين لا سياحًا ولا مصلين.  

مؤكدًا بأن حماية الأقصى مسؤولية تقع على الجميع حكامًا وشعوبًا ولا عذر لأحد.  



حضارات ثمرة السجون

من جانبه كشف رئيس مركز حضارات الأسير القائد عبد الناصر عيسى، خلال رسالة مكتوبة له، بأن اللقاء ثمرة من ثمار مركز حضارات، الذي انطلقت لبنته الأولى من داخل السجون الإسرائيلية رغم العقبات وأنف السجان.  

مشيرًا بأن المركز هو مؤسسة بحثية وثقافية تهتم بإنتاج دراسات متعلقة بالشأن الإقليمي والمحلي، وأبحاث متعلقة بالمنطقة العربية عامة، ودراسة الشأن الفلسطيني والإسرائيلي بشكل خاص.  

وفي إطار الحديث عن الأسرى قال عيسى، بأنه "على الرغم من الاهتمام البالغ الذي يبديه شعبنا ومقاومتنا الباسلة، إلا أن قضية الأسرى لا تزال جرحًا مقتوحًا."

راجيًا بأن تعقد صفقة تبادل جديدة قريبًا؛ للإفراج عن مئات الأسرى من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، الذين قضوا عقودًا في السجون الإسرائيلية.  



استراتيجية وطنية شاملة



دعت الباحثة إيمان النخالة لوضع خطة استراتيجة وطنية للعمل على تحرير الأسرى، واعتبار من يخرج عنها خائنًا بالإجماع.  

وقد جاء ذلك ضمن ورقة بحثية قدمتها في الورشة، استعرضت فيها تاريخ عمليات التبادل بين الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، منوهة بأن الورقة البحثية هي فصل ضمن دراسة كاملة تتناول عمليات التبادل بين الاحتلال والدول الأخرى.  

وذكرت النخالة بأن المقاومة الفلسطينية بأطرها المختلفة، عقدت عشرات من صفقات التبادل منذ عام ١٩٦٨ حتى عام ٢٠١١، تم على إثرها إطلاق سراح آلاف الأسرى، واستعادة عدد من جثث الشهداء.  

وأوصت الباحثة بضرورة إعطاء قضية الأسرى بعدًا قانونيًا وإنسانيًا وأخلاقيًا.  

مطالبة المجتمع الدولي بإعلان إسرائيل دولة خارجة عن القانون؛ لعدم التزامها بأحكام القانون الدةلي في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين.  



مليون معتقل

بدوره قال ممثل وزارة الأسرى الباحث إسلام عبده، بأنه منذ عام ١٩٦٧م اعتقل الاحتلال أكثر من مليون فلسطيني، باتباع وسائل قمعية انتقامية، تنتهك كل المواثيق الدولية التي كفلت حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة، والتي دعا له ميثاق الأمم المتحدة في حق الشعوب بتقرير مصيرها (١٩٤٥).

وأشار عبده بأن الاحتلال استخدم سياسة الاعتقال بحق الفلسطيني، دون مراعاة القانون الدولي والإنساني، منكرًا كافة القوانين والتشريعات التي تقضي بمعاملة الأسرى كأسرى حرب، باعتبارهم مجرمين ومخربين (اتفاقية جنيف ١٩٤٩).  

وأوضح بأن سلطات الاحتلال تصر على حرمان الأسرى من الحقوق الإنسانية والأسياسية، التي أقرتها اتفاقيات جنيف، كالصحية والتعليمية والدينية، وحقهم بزيارات عوائلهم.  

مبينًا بأن هذه السياسة القمعية جاءت ضمن التسابق بين أعضاء الكنيست ورؤساء الأحزاب الصهاينة في التحريض على الأسرى؛ لتحقيق مكاسب سياسية، على إثرها سنت عدة قوانين (٢٠١٥-٢٠١٧) في سبيل التشديد على الأسرى، منها: التغذية القسرية، محاكمة الأطفال دون سن ١٤، الاعتقال الإداري، الإدانة دون شبهات، الحجز على مستحقات الأسرى المالية، واحتجاز جثامين الأسرى الذين استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية.  



حكومة إسرائيلية هشة



وفي كلمة له عبر الفيديو كونفرس، وصف الباحث والمختص في الشان الصهيوني عماد أبو عواد، الحكومات الإسرائيلية التي تلت صفقة التبادل بالهشة والضعيفة، والتي تعاني من عدم الاستقرار، وعدم الجرأة على الذهاب في اتجاه توقيع صفقة جديدة، باستخدام طرق ملتوية.  

واستعرض أبو عواد أهم العقبات التي تقف أمام إنجاز الصفقة، داخل المجتمع الإسرائيلي والمستويات السياسية الإسرائيلية.  

موضحًا بأن قناعة الأغلبية الإسرائيلية تتجه نحو عدم إبرام أي صفقة بعد صفقة تبادل شاليط.  

ورأى بأن الحكومة تمكنت من تغييب قضية التبادل عن الإعلام العدو، بعد أن تمكنت من إقناع جمهورها بأن ما تملكه حماس هم جثث، والحكومة ليست مستعدة لدفع ثمن باهظ مقابل ذلك، وتترك حل هذه القضية للزمن، دون استعجال؛ مما أضعف ضغط أهالي الجنود، والشارع الإسرائيلي، والمفكرين والقادة الأمنيين الإسرائيليين.  

وحسب أبو عواد فإن إسرائيل تعتبر نفسها غير مضغوطة في ملف الأسرى، وتشعر بأن حماس مضغوطة أكثر؛ لأن لديها مئات الأسرى الذين تجاوز اعتقالهم العقدين.  

مبينًا بأن ورقة الضغط الوحيدة التي قد تجعل إسرائيل تسارع في إبرام الصفقة، هو التأكد بالدليل القاطع بأن أحد الأسيرين (هدار/شاؤول) على قيد الحياة، فالأسيرين منغستو والسيد لا يشكلان ضغطًا على إسرائيل العنصرية.  





فرص الحرية



من جهته أكد رئيس قسم الأبحاث في مركز حضارات الاسير المحرر حازم حسنين، بأن قضية الأسرى مسألة دائمة ما دام الاحتلال.  

ولفت حسنين إلى أن المقاومة تجد نفسها مرغمة أمام قضية الأسرى؛ لثقة الشعب بقدرتها على تحريرهم مقابل انعدام الثقة بقدرة المفاوضين.  

معتبرًا قضية الأسرى دين في رقاب المقاومة، فالكثير من قادة الفصائل وقوى المقاومة هم من الأسرى.  

ووضح حسنين بأن المقاومة تملك أوراق ضغط عدة تضمن تحرير الأسرى وإنجاز الصفقة على رأسها الجنود الإسرائيليين الأربعة.  

في المقابل رأى الباحث حازم حسنين بأن الحراك الداخلي لأهالي الجنود الإسرائيليين المختطفين في غزة ضعيف إذا ما قورن بحراك ذوي الجندي شاليط.  

مشيرًا بأن القيادة الإسرائيلية تحاول منع المقاومة من تحقيق إنجاز جديد يعزز قوتها، لاسيما بعد النجاح الكبير لصفقة شاليط، الذي يحول دائمًا دون إنجاز صفقة تبادل جديدة؛ خشية تشكيل صدمة أخرى في إسرائيل، لا سيما أن الثمن المطلوب باهظ جدًا.



لتحميل الأوراق العلمية  المقدمة خلال الندوة:

■ تاريخ صفقات تبادل الأسرى مع الاحتلال، للباحثة إيمان النخالة.  

■ حقوق الأسرى في القانون الدولي، للباحث إسلام عواد

■ حرية الأسرى بين الفرص والتحديات، للباحث حازم حسنين.  



كاتب التقرير: هبة الأسطل

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023