عقد مركز حضارات للدراسات السياسية والاستراتيجية و مركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني، بتمويل من مركز المبادرة الاستراتيجية فلسطين- ماليزيا، يومًا دراسيًا بعنوان: "الأسرى يتحدثون عن معاناتهم"، وجاء ذلك ضمن فعاليات ملف الأسرى، من خلال الوقوف على تجاربهم.
أقيم اليوم الدراسي يوم صباح اليوم الاثنين، في قاعة مؤتمرات طيبة بالجامعة الإسلامية، بحضور قامات علمية ووطنية، على رأسها أ. د زكريا السنوار، رئيس مركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني، ونائب عميد كلية الآداب بالجامعة الإسلامية، أ.د أسامة حماد، وأ. نور اليعقوبي ممثلًا عن المبادرة الماليزية، وأ. حازم حسنين ممثلًا عن مركز حضارات، ولفيف من المختصين والمهتمين والباحثين والأسرى المحررين، وقامات وطنية من مختلف الفصائل الفلسطينية.
الجلسة الافتتاحية
وفي افتتاحية اليوم الدراسي نوهت أ. نور اليعقوبي الممثلة عن مركز المبادرة الاستراتيجية فلسطين- ماليزيا، بأن مركز المبادرة الاستراتيجية الماليزية يهدف بشكل رئيسي لنشر القضية الفلسطينية، وتعريف العالم بمعاناة الشعب الفلسطيني، وتقديم العديد من المواد الإعلامية ونشرها من خلال إجراء العديد من الدراسات والأبحاث العلمية، وعقد المؤتمرات والأيام الدراسية.
من جانبه قال وكيل وزارة شؤون الأسرى والمحررين عطوفة الأستاذ المدهون :”أن هذا اليوم يسلط الضوء على جوانب مهمة من حياة الأسرى بطريقة إبداعية، لأن قضية الأسرى من أهم القضايا التي نعمل لأجلها في العالم، والتي تعتبر واجب ديني وأخلاقي ووطني وإنساني، ويدلل على أن الشعب بكل فئاته ومكوانته يلتف حولها وعلى المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي ويبذل من أجلها كل ما يستطيع”.
وبدوره أشار أ. حازم حسنين ممثلًا عن مركز حضارات للدراسات السياسية والاستراتيجية لاهتمام حضارات بمعاناة الأسرى بالتعاون مع المراكز البحثية؛ لإبرازها في الأوساط البحثية والعلمية.
ونوه إلى أن اليوم الدراسي هو لثلة من الأسرى للحديث عن معاناتهم في السجون وعن تجاربهم، ومسيرتهم التعليمية.
وشدد حسنين على أن الأسرى يستحقون كل الجهود لأجل العمل على نصرتهم والإفراج عنهم والتخفيف من معاناتهم.
من ناحيته دعا رئيس مركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني بالجامعة الإسلامية أ.د زكريا السنوار المراكز البحثية للاهتمام بقضية الأسرى، والوقوف على شهاداتهم الصادقة، والتي تعد ميزة غير متوفرة تفقدها الأبحاث العلمية الجادة، التي يكتنفها شيء من الجمود.
وأوضح السنوار بأن انعقاد اليوم الدراسي هو تأسيس لمرحلة جديدة ومهمة في قضية الأسرى، نظرًا لمشاركة الأسرى في الحديث عن معاناتهم وتجاربهم، وأوضح أنه لا مجال للمقارنة بين من يكتب عن الأسرى ومعاناتهم وبين الأسير الذي يعاني نظرًا لجانب العاطفة التي يحدثها الأسير والبعد الإنساني في قلم من يكتب عن حالته.
وفي ذات السياق شدد أ.د أسامة حماد نائب عميد كلية الآداب في الجامعة الإسلامية على أهمية الإنجاز المتمثل في حديث الأسرى عن أنفسهم ومعاناتهم وتحدياتهم، وأكد على ضرورة السعي الحثيث لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال.
وأكد حماد بأن الأسرى يعلموننا كيف يخرج الأمل من الألم، وكيف نصنع المنحة من المحنة وذلك من الدروس التي يقدموها باستمرار وصبرهم على معاناة السجن.
وأشار الدكتور حماد إلى ضرورة عقد الفعاليات تذكر بقضية الأسرى والاهتمام بها والدفاع عنها وتسخير كافة الجهود بالحديث عنها ونشرها عبر العالم.
الجلسة الأولى (عزل وإضراب)
انعقد اليوم الدراسي على ثلاث جلسات، ترأس الجلسة الأولى د. نهاد الشيخ خليل، أدلى خلالها ٦ من الأسرى بشهاداتهم حول معاناتهم وسياسة القمع والضرب والعزل التي يتعرضون لها في السجون؛ سواء خلال رحلة التحقيق أو بعدها.
استعرض الأسير أيهم صباح في ورقة مسربة له تجربة التحقيق في سجون الاحتلال، حيث قال: " لم يقم الاحتلال بإظهار أي اعتبار للسن أو الحالة المرضية، لقد استمرت جولة التحقيق ساعات من الصراخ والشتائم والتهديد والقتل، فاجتمع عليّ ألم الإصابة والضغط النفسي الذي يمارسه المحققون."
وتطرق الأسير أحمد سعادة، والذي يقضي حكم ١٢ مؤبدًا لرحلة القمع والضرب، مبينًا أساليب التنكيل بالأسرى، من خلال شواهد عدة تظهر الإجرام الصهيوني بحق الأسرى، حيث قال: "القمع هو تعرض الأسير لضرب مبرح من قبل وحدات مصلحة السجون متسادا ويماز والدروز وغيرها."
واستشهد على ذلك بما تعرض له الأسرى من تعذيب وسحب وإلقاء الغاز المسيل للدموع، دون مراعاة لمرض أو عمر، لا سيما بعد الاحتجاج على استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية، إثر الإهمال الصحي، وحرمانهم من مقومات الحياة الأساسية، ووضع أجهزة تشويش مسرطنة بحجة منع الأسرى من التواصل مع أهلهم ضمن خطة الوزير الصهيوني جلعاد أردان، يقول الأسير سعادة: "تعرضت للضرب على الرأس ثم أصبت بجلطة دماغية؛ مما أدى لإصابتي بشلل نصفي."
وفي شهادته حول سياسية الاعتقال الإداري التعسفي، وانتظار المحاكمة التي تأتي وقد لا تأتي قال الأسير فادي غانم، الذي قضى سبع سنوات تحت بند الاعتقال الإداري بشكل مجحف: "الاعتقال الإداري قانونيًا إجراء مؤقت وطارئ، لكن الاحتلال استخدمه ضدي عقابًا لآرائي السياسية في رفض الاحتلال، دون أن أشكل خطرًا أمنيًا."
وعن تجربة العزل عرض الأسير القائد عبد الناصر عيسى رئيس مركز حضارات، أشكال العزل وأنواعه المختلفة والتي خبرها جيدًا نتيجة مكوثه في العزل بكافة أشكاله لسنوات طويلة.
وفي حديثه عن عزل التحقيق قال عيسى: "عزل التحقيق أسوأ أنواع العزل، مكثت فيه ١٤ عامًا، ففي هذا العزل يملك الأسير قنينتين فقط، واحدة لشرب الماء وأخرى للتبول."
وقد أورد عيسى تجربته في عزل الزنازين وعزل الشمور؛ لمنعه من الاحتكاك بالأسرى بقرار من الشاباك لمدة ١١ سنة متتالية.
وفي ختام رسالته وضح عيسى كيف تمكن الأسرى من كسر سياسة العزل وتخفيف سنوات العزل، حيث قال: "استمرت مصلحة السجون بعزل الأسرى حتى تم كسر هذه السياسة بإضراب الأسرى الكبير في عام ٢٠١٢، أجبرت سلطة السجون على إخراج مجموعة من الأسرى المعزولين وعلى رأسهم محمود عيسى."
وفي ذات السياق تحدث الأسير رمزي عابد المحاضر في الجامعة الإسلامية عن تجرية العزل والتحقيق داخل السجون، والتي قسمها لمرحلتين، ما بعد انتهاء التحقيق والتي امتدت ٨٦ يومًا، مبينًا صعوبة الفترة التي خاضها بين الأسرى الجنائيين والسجناء العرب، وإشكالية اللغة التي كانت عقبة كبيرة واجهت الأسير عابد.
يقول عابد في وصف تجربة العزل: " عندما خضت تجربة العزل أدركت قيمة الحياة الاجتماعية بين الناس، وعلمت أن أحد أهداف العزل هو التأثير على نفسية الأسير وعقله."
وأوضح مدى تأثير الإذاعات الفلسطينية التي تبث رسائل أهالي الأسرى في بث العزيمة وروح الإرادة، من خلال عبارات الدعم والمساندة.
وفي مرحلة الحياة في أقسام الأسرى الأمنين التي وصفها الأسير عابد "كمن نال جزءًا من حريته"، بعد الانخراط مع الأسرى والمشاركة للأمور الحياتية كالصلاة وقراءات القرآن وتبادل أطراف الحديث، والمشاركة في الإشراف على برامج الماجستير والأبحاث والنقاشات.
وفي ذلك يقول الأسير عابد: " مخالطتي لإخواني الأسرى وملاحظة همتهم العالية؛ حفزني للتفكير الجدي في البدء مرة أخرى في دراسة الدكتوراة في مجال الاقتصاد الرقمي من داخل السجن."
وفي ختام شهادته قال الأسير رمزي عابد: " محطة الاعتقال في سجون هي محطة مهمة في حياتي سوف تترك بصمة بارزة ما حييت، زادتني قناعة بأن هذه السجون تحتجز داخلها خيرة أبناء الشعب الفلسطيني، العمل من أجل حريتهم واجب على كل حر."
وفي ختام الجلسة الأولى قدم الأسير علي الحروب شهادة حيّة ومؤلمة جدًا، سلط فيها الضوء على رحلته المرضية والعذاب الذي كان يعانيه في جميع أنحاء جسده إثر إصابته بسرطان الثدي، وبعد مماطلات ومراوغات طويلة والإهمال الصحي المتعمد، تم إجراء عملية جراحية له لاستئصال الورم في الكتفين والثدي.
الجلسة الثانية (كرامة وأمل الصفقات)
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها د. رجب البابا، لفت الأسرى في ست شهادات لمعارك الكرامة والإضراب وتأثير صفقات التبادل على الأسرى بين الأمل والإحباط.
استهلت الجلسة الثانية بشهادة مهند شريم، تناول فيها الحديث عن أيام من كرامة ٢٠١٢، والتي نفذها الأسرى لإنقاذ الأسرى من زنازين العزل الانفرادي التي استمرت لسنوات، واستعرض خلالها القرارات المتخذة بشأن معركة الكرامة، والعقبات التي استطاعوا تفاديها، والخطوات التي اتفق عليها أسرى الفصائل الفلسطينية لإنقاذ الأسرى، وقد شارك في الإضراب ٢٠٠٠ أسير صمدوا صمودًا أسطوريًا رغم كل أنواع التنكيل والقمع، وعلى إثره انتصر الأسرى.
فيما تحدث الأسير كمال أبو حنيش عن معارك الإضراب عن الطعام وتكللت بالانتصار، والتي كانت رحلة كفاحية إنسانية في سبيل الحرية والكرامة والعدالة وانتزاع الحقوق.
يقول الأسير أبو حنيش: "شاركت في ستة إضرابات مفتوحة عن الطعام، والتي تعني الاستعداد للاستشهاد."
وأردف أبو حنيش: "في أول عام خضته عام ٢٠٠٢ كان فيه نوع من الرهبة لكن مع مرور الأيام تحول إلى متعة، فقد كانت الإضرابات تصقل تجربتي وتجعلني متمرسًا ويزول معها التردد والرهبة."
من جانبه ذكر الأسير باسل مخلوف تأثير صفقات التبادل على الأسرى والمشاعر الممتزجة التي تتركها في نفوسهم بين الإحباط والأمل والحزن والفرحة، سواء في تخطي الصفقات للأسرى أو مماطلة العدو في إبرام صفقة جديدة، وعن ذلك يقول مخلوف: "كنا نودع الأسرى المفرج عنهم ببسمة تختفي خلفها مسحة حزن."
وفي ذات السياق أكد الأسير محمد إغبارية في شهادته بأن صفقات التبادل هي بوابة الحرية لكل الأسرى، وذكر في شهادته صفقات التبادل التي عايشها والأمل الذي انتشر بين الأسرى إثر سماع وجود صفقات التبادل كصفقة الجندي أرون وأوسلو وشاليط، وكلها صفقات استثنت أسرى الداخل، يقول إغبارية في ذلك: " في داخلي كنت أعلم أنه لن يفرج عني؛ لأنني من الداخل ويتعاملون معي على الهوية السياسية كمواطن إسرائيلي."
وذكر الأسير إغبارية بأن الصفقات اقتصرت على أطياف معينة دون غيرها أو مناطق دون غيرها، لكن هذا لم يخمد الأمل بحريته: "عندما نواجه الاحتلال كان يقول: أنتم أسرى أمنيون ويسري عليكم ما يسري على الأسرى الفلسطينيين في السجون، ولد ذلك لدي الشعور بالمصير وأن الحرية لا يمكن أن تجزأ."
وقد عرض الأسير الطبيب سامر حلبية والذي يحمل الجنسية الأوكرانية تأثير الأسر على الحياة الاجتماعية، لاسيما على زوجته الأوكرانية التي اتخذ العدو قرارًا بإبعادها ومنعها من العودة نهائيًا.
واتهم حلبية السفارة الأوكرانية بالتواطئ والانحياز للعدو الصهيوني التي رفضت إعطاء زوجته عقدًا مصدقًا يسمح لأبنائه للخروج من أوكرانيا مع نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مما يؤدي لخطر على حياتهم.
وكشف الطبيب الأسير حلبية عن الأضرار الجانبية للأدوية التي تقدم للأسرى والتي تسبب العقم والضعف الجنسي، والعيادات التي تفتقر للأجهزة المهمة لعلاج أسنان الأسرى، باعتبارها تجميلية، وهي ضرورية وأساسية.
وفي ختام الجلسة الثانية قدم الأسير أيوب أبو كريم شهادة بين فيها كيف يحول الأسير المحنة إلى منحة لإدخال الفرح رغم التنغيص والضغط النفسي، مستشهدًا على ذلك بولادة ابنه مجاهد رغم أقبية السجون، فكان بمثابة نزع الفرحة من السجان.
الجلسة الثالثة ( السجون أكاديميات علمية)
عرضت الجلسة الثالثة برئاسة أ. د زكريا السنوار سبع شهادات حية عرض فيها نواحٍ مهمة في حياة الأسرى أبرزها المسيرة التعليمية والأدبية وطور الإدارة المالية داخل الأسر، والفجوة النفسية التي تسبب بها الأسر بين الأسير وأهله.
قدم الأسير زهير سكافي شهادة نفسية اجتماعية مهمة تقف على قضية خطيرة وهي تأثير السجن على علاقة الأسير بأهله حيث قال: "الأسير الذي قطع الاتصال بأبنائه يجعل الابن بعد سنوات يخجل من أن يقول لك "أبي" وكأن الفجوة كبرت ومن الصعب تجاوزها."
ويضيف: "يتحدث الأسير مع أهله بيته وكأنه يخاطب الزوجة الهادئة فيراها أصبحت تجادله ولا يدري أنها أصبحت نصف رجل، تكابد ما لم يكابده في هذه الحياة."
ثم يقدم الأسير مقترحًا لتأهيل الأسرى المفرج عنهم نفسيًا، سواء متزوجين أو عزاب، فما قبل الأسر يختلف عما بعده.
وعلى هذه الشهادة عقب أ.د السنوار: "هذا مشهد يجب أن يقف الباحثون في علم النفس وعلم الاجتماع وقفات جادة لدراسته والوقوف على آلياته لتجاوز ذلك، فهو أمر غاية في الخطورة."
وقد عرض الأسير يحيى حاج حمد تجربته الأدبية داخل السجون ومعاناته في سبيل انضاج الشعر، والتي امتازت بالعناد والتحدي رغم التثبيط والقدح والنقد، وذكر حمد أبرز العقبات التي واجهته في سبيل انضاج رحلته الأدبية تمثلت في منع الكتب، وملاحقة مصلحة السجون للكتابات، وقلة المعلمين والعاملين والمثبطين.
وبث الأسير نسيم حمادة مشاعره حول معاناته في الحرمان من القدس وزيارة أبنائه، وفي وصف وداع الأقصى قال: "بدأت أسابق الزمن بالنظر من خلال الفتحات باتجاه المسجد الأقصى وبيت المقدس؛ لأشبع عيني بالنظر، فلا أعلم حينها متى أعود إليها حرًا بلا قيود أو حدود."
فيما قدم الأسير أكرم القواسمي شهادة مطولة حول التجربة التعليمية داخل السجون والتي تجسدت في ثلاثة محاور:
- شكل التعليم قبل دخول التعليم الأكاديمي الجامعي، والتي مرت بالاضرابات والمعارك الشرسة لزيادة الوعي والمعرفة من خلال السماح بإدخال الكتب والقرطاسية.
- بداية التعليم الأكاديمي ودخول الجامغة العبرية ثم الجامعات الفلسطينية والعربية.
- اختتم الأسير القواسمي شهادته بتجربته التعليمية داخل السجون، وقد وصف الحالة الأكاديمية التي وصلت لها السجون: " لا أبالغ إن قلت إنه أصبح لدينا اليوم وزارة تربية وتعليم مصغرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى."
وفي ذات السياق قدم الأسير ماهر الهشلمون شهادة حول التعليم داخل السجون، مبينًا فيها الفارق بين مرحلتين مهمتين في التجربة التعليمية، مبرهنًا على ذلك بتجربتي اعتقال متابينتين تعرض لهما وهما:
- الاعتقال الأول عام ٢٠٠٠، بين فيها الأسير حرمانه من التعليم، وافتقار السجون للمناهج الأكاديمية التعليمية، وكانت شهادة الثانوية العامة تعد إنجازًا أكاديميًا كبيرًا.
- وفي الاعتقال الثاني عام ٢٠١٤، قد كان في السجون نظامًا أكاديميًا قويًا، حيث يقول: "لقد شاهدتُ عقولًا متطورة ومتنورة، تحمل في طياتها أملا وحلمًا عظيمًا، وطموحًا يناطح السحاب، ولا أبالغ إن قلت إن الالتزام بالمحاضرات اليومية داخل السجون كان أكثر من خارجها."
ثم وضح دور الجامعات الفلسطينية في دعم الأسرى ومسيرتهم العلمية، وتحقيق طموحات كبيرة كانوا يسعون لها.
وفي ظل تعدد التجارب الاجتماعية والأدبية والنضالية، قدم الأسير أيمن سدر تجربة فريدة تتعلق بالملف المالي في السجون بعد ٢٧ عامًا من التجربة والمعايشة.
وقد قسمها لثلاثة محاور، مقدمًا لها بسياق تاريخي للملف المالي للأسرى الذي بدأ بالعمل في مصانع الحجارة لمعسكرات صهيونية سرية.
ثم بين المصادر والموارد المالية للأسرى سواء من الأهل أو مخصصات التنظيمات أو نفقات السلطة أو مصلحة السجون.
وقد بين سدر دور جمعية النور في إدارة الأعمال المالية في السجون، كونها حلقة وصل بين الخارج والسجون.
وفي ختام التجربة قال سدر: "لقد تبلور النظام المالي والاقتصادي في السجون من خلال العملية النضالية الطويلة التي خاضها الأسرى في سبيل انتزاع حقوقهم الأساسية عبر مواجهات بطولية وبأشكال عديدة."
فيما نقل الأسير أمجد السايح تجربته الحية التي عايشها مع أخيه الأسير الشهيد منفذ عملية ايتمار "بسام" والذي كان يعاني مرض السرطان وضعف في عضلة القلب، وقد كان أمجد معايشًا للحظات خروج روحه دون أن يتمكن من إنقاذه، فصور السايح مشاعر العجز في إنقاذ أخيه.
ولم تكن معاناة أخيه الوحيدة التي عايشها فقد ذكر عدد من الأسرى الذين عانى معهم ويلات المرض وقسوة السجان، ثم انتقلوا إلى مقبرة الأرقام، والمصير المجهول بعد موتهم.
توصيات
وفي ختام اليوم الدراسي قدمت مجموعة توصيات، دعا أ. د زكريا السنوار على العمل بها، وبرزت في النقاط التالية:
- التواصل مع الجامعات الفلسطينية والعربية والإسلامية؛ من أجل الحصول على موافقة لدراسة الأسرى في البرامج الممكنة فيها.
- توفير الرعاية الاجتماعية والنفسية لأبناء الأسرى، ودمجهم في المجتمع من خلال الضغط على الاحتلال من خلال المقاومة والمنظمات الدولية؛ لإدخال ما يحتاجه الأسرى من مراجع ومصادر علمية؛ من أجل إتمام دراساتهم.
- التواصل مع دور الطباعة والنشر والتوزيع؛ من أجل طباعة ونشر وتوزيع ما يصر عن الأسرى من روايات، وكتب، وغيرها.
- نشر شاشات على مفترقات الطرق الرئيسة في قطاع غزة والضفة الغربية؛ من أجل تعزيز الوعي بقضية الأسرى في سجون الاحتلال، والتعريف بمعاناتهم، من خلال إصدارات مرئية.
- تفعيل دور الجمعيات والمؤسسات الحقوقية تجاه قضية الأسرى، وخاصة الجمعيات النسوية، في دعم حقوق الأسيرات في سجون الاحتلال.
- إنشاء مركز إعلامي خاص بالأسرى وقضاياهم، بالتعاون بين وزارة الأسرى وعشرين، ومركز حضارات، ومركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني بالجامعة الإنسانية، وجمعية واعد للأسرى، وجمعية مهجة القدس، وغيرها من المراكز العاملة
- البدء بجمع شهادات الأسرى من داخل السجون، حول تجربتهم الاعتقالية، ومعاناتهم؛ لأن المجال متاح حاليا، وهم في الأسر، ولا يمكن ضمان استمرار إتاحة احد رواياتهم بعد العناقهم من الأسر.
- التأهيل النفسي للأسرى، وخاصة الأطفال والنساء، بعد تحررهم من الأسر.
- تعزيز فكرة فكاك الأسرى في المجتمع الفلسطيني، من خلال توافد الإعلام المتنوعة.
- تعزيز التآزر بين عناصر الحركة الأسيرة في مواجهة ضغوطات إدارة السجون، خاصة في معارك الأمعاء الخاوية، وأثناء عمليات القمع،
- زيادة المشاركة السياسية للأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني.
حث المؤسسات الحقوقية الدولية على إلزام الاحتلال الصهيوني بالسماح لأهالي الأسرى بزيارة أبنائهم في ظروف كريمة، وعدم حرمانهم منها.
- اهتمام الإذاعات والفضائيات الفلسطينية بالبرامج الخاصة بالأسرى، خاصة رسائل أهالي الأسرى؛ لما لها من أثر على نفسيات أسرانا البواسل.