ورقة تقدير موقف
أولاً : توطئة :
نقلت المواقع الإخبارية ؛ الالكترونية منها وغير الالكترونية ، ومنصات التواصل الاجتماعي نقلاً عن صحيفة " فاينانشال تايمز " خبراً مفاده أن إدارة الرئيسي الأمريكي " جون بايدن " تُشجع دولاً عربية على المشاركة في قوة حفظ (السلام) التي ستنتشر في غزة بعد الحرب لملء ( الفراغ ) في قطاع غزة إلى حين إنشاء جهاز أمني فلسطيني ذي مصداقية . وحيث أن مثل هذا الأمر لا يجب التغاضي عنه ، أو التعامل معه على أنه غير ذي صلة ؛ كون قوى المقاومة وفصائلها في غزة أعلنت أنها ستتعامل مع أي قوة عسكرية تدخل إلى قطاع غزة ، وبغض النظر عن جنسية المشاركين فيها ، على أنها قوة احتلال وكيل ؛ ستواجه كما وجوه العدو الأصيل . ولما كان الموقف في غزة ، قد وصل إلى حالة من الاستعصاء ، يبحث الكل فيها عن مخرج ؛ يأتي " تقدير الموقف " هذا لمناقشة هذه المسألة المفصلية ـ قوة دولية في غزة ـ في صراعنا مع العدو الإسرائيلي ، حتى لا نجد أنفسنا أمام موقف إقليمي ودولي غير موات أو مناسب لنا ، مما يضطرنا إلى التعامل معه من منطلق رد الفعل ، وليس الفعل ، لما يحمله السلوك الأول من مخاطر وتهديدات ، والثاني من فرص قد تكون متاحات . سيناقش تقدير الموقف هذا المسألة عبر عدة عناوين ، لتكتمل الصورة ، وينجلي الموقف .
ثانياً : تحرير المصطلح :
في البداية سنعمل على تحرير المصطلح ، وتبين دلالاته ، كون الحكم على شيء فرع من تصوره ، وهنا لابد من التذكير أن البعض يخلط بين مصطلحين في هذا السياق ، يأتيان ضمن العمليات التي تقوم بها الأمم المتحدة ، ضمن مجموعة من الأعمال المنوط بها تنفيذها على المستوى الدولي ، هذين المصطلحين هما :
هي قوات تقوم الأمم المتحدة بتشكيلها من عدة دول مستعدة للمشاركة فيها ، على أن تتحمل الأمم المتحدية الميزانية التشغيلية لها ، بحيث تُشكل وتُنشر تحت قيادة مُختارة من ضمن قيادات التشكيلات العسكرية للدول المشاركة فيها ، حيث يتم تسليح هذه القوات بما يناسب المهمة ، وبما يضمن لها الدفاع عن نفسها ضد التهديدات المتصورة ، لذلك فهي قوات غير مخولة بالمبادرة لاستخدام القوة ؛ ما لم يكن دفاعاً عن النفس ؛ على اعتبار أنها منشورة في منطقة تم توافق المتصارعين فيها على إنهاء حالة الصراع ، والدخول في حالة سلم ، تأتي هذه القوة أو القوات لمراقبة حسن تنفيذ ما تم التوافق عليه ، كما هي الحالة في : الصومال ، لبنان ، سوريا ، رواندا ، هايتي ، البوسنة والهرسك .
هي قوات يتم تشكيلها ونشرها من قبل مجموعة دول في الأمم المتحدة ، لفرض ( السلام ) في منطقة نزاع يؤثر بقاء النزاع فيها على الأمن والسلم الدوليين ، حيث تُنشر هذه القوات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي تنص المادة (42) منه على : " إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تفِ به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء "الأمم المتحدة " ، مما يعني أن هذه القواتالمنشورة تحت هذا البند ؛ مخولة استخدام القوة لإتمام مهمتها في الجغرافيا محل الاهتمام .
ثالثاً : مهام القوات :
تقوم هذه القوات بالمهام التالية ، ضمن المسؤوليات الملقاة على عاتقها ، والتي تتضمن التالي من الأعمال :
رابعاً : متطلبات التطبيق والتفعيل :
وحتى تقوم الأمم المتحدة بتشكيل ونشر وتشغيل مثل هذه القوات ، لابد من توفر الظروف الموضوعية لمثل هذا الإجراء ، والتي يمكن اختصارها بـ :
خامساً : سيناريوهات المتوقعة :
بعد هذه الاستطراد التأصيلي السريع ، نصل إلى السيناريوهات المتوقعة فيما يخص تشكيل قوة (حفظ) أو ( فرض ) سلام تحل محل قوات العدو الإسرائيلي بعد انسحابها من قطاع غزة ، وتوقف الحرب فيها ، كتمهيد لإيجاد كيان بديل عن " حماس " قادر على إدارة الحياة اليومية للشعب الفلسطيني ، وتأمين متطلباته اليومية ؛ الأمنية منها والاجتماعية .
السيناريو الأول الممكن حدوثه هو : عدم السير في هذا الإجراء ، وانتفاء حدوثه لاعتبارات سياسية وإجرائية ، تتمثل في عدم تقبل أو قبول الدول المرشحة لمثل هذا الدور المشاركة فيه ، تخوفاً من التبعات السياسية الناتجة عن مثل هذا العمل ، أو عدم توفر العديد العسكري القادر على فرض السيطرة على كامل قطاع غزة ، دون التعرض لتهديدات متصورة ، ناتجة عن اعتبار أن أهل القطاع سوف ينظرون إلى هذه القوات على أنها قوات احتلال وكيل تعمل بديلاً عن احتال أصيل . عندها يا ( دار ما دخلك شر ) . وهذا السيناريو هو الأكثر ترجيحاً .
يقتضي هذا السيناريو توافق طرفي الحرب على تنفيذ هذا الإجراء ، مما يعني قبول حماس وباقي فصائل المقاومة كسلطة حكم ذاتي فعلي للقطاع ، كطرف رئيسي في العمليات العسكرية الدائرة في منطقة العمليات ، توافق هذه الأطراف مع العدو الإسرائيلي على تنفيذ هذا الإجراء ، الأمر الذي يعني ضمناً :
إن الاعتبارات سباقة الذكر تدفعنا للقول أن احتمالية وقوع هذا السيناريو منخفضة الحظوظ ، سياسياً ، وإجرائياً ، وفنياً .
يقضي هذا السيناريو بوجود توافق محلي وإقليمي ودولي على تشكيل مثل هذه القوات ، ثم حشدها في محيط قطاع غزة ، ثم بدء دخولها بشكل متدرج لملئ الفراغات التي سيتركها انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق القتال ، في حركة متدرجة ، محفوفة بالمخاطر ، غير مضمونة النتائج ، وهنا لا بد من توفر الشروط التالية لتطبيق مثل هذا السيناريو :
إن استبعاد توفر هذه الظروف الموضوعية لتطبيق مثل هذا السيناريو ، تدفعنا إلى استبعاد حصوله ، وعدم إمكانية تطبيقه .
سادساً : التقدير :
نعتقد أن حظوظ تشكل ونشر وتشغيل قوات ( حفظ ) أو ( فرض ) سلام في قطاع غزة ، كأحد حلول وقف الحرب الحالية ، أمرٌ مستبعد الحصول ، الأمر الذي نرجح معه بقاء حالة الاشتباك مع العدو (الأمريصهيوني ) في منطقة العمليات ، إلى حين نضوج ظروف سياسية ، تفرض على العدو وقف إطلاق نار شامل ، تضمن فيه المقاومة تحقيق الحد الأدنى من مطالبها المتمثلة في :
وتحقق للعدو الحد الأدنى من مطالبه المتمثلة في :
سابعاً : التوصيات :