وجهة نتنياهو نحو استئناف القتال

يوسي بن آري

 هآرتس  

شهدت نهاية الأسبوع وضعاً لا يمكن فهمه، مع سلوك مجنون يشبه التنمر على الساحة الدولية (الضربة القاضية التي وجّهها دونالد ترامب إلى فولوديمير زيلينسكي أمام أعين العالم)، ومع  سانشو بانشا [بطل رواية دون كيشوت للكاتب سرفانتس] في القدس الذي بدلاً من أن يمدّ يد السلام إلى أحمد الشرع، الزعيم الجديد لسورية، ودعوته إلى قمة تاريخية في القدس، والانضمام إلى المحور السنّي المعتدل، رأينا نتنياهو يهاجمه بكل الطرق، من خلال هجمات سلاح الجو بالقرب من دمشق ودرعا؛ وتهديده مع كاتس بعدم التجرؤ على المسّ بدروز مدينة جرمانا القريبة من دمشق.  

كل هذا بموجب "الالتزام" حيال الدروز في إسرائيل (استناداً إلى قانون القومية)، هذا على الرغم من أن الدروز السوريين لا يطلبون "خدمات" من إسرائيل في مواجهة الحكم المركزي في سورية؛ كذلك، يُحكم الجيش الإسرائيلي قبضته على المناطق التي يسيطر عليها في سورية، بخلاف ما ينص عليه القانون الدولي؛ ونرى داني كوشمارو [مقدم برامج تلفزيونية] يتزلج مع متسلقي الجبال على قمة جبل الشيخ، بموافقة الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي والسلطات العليا. وفي الخلفية، هناك التقارير التي تتحدث عن مساعدة إسرائيل للأكراد في شمال سورية في مواجهة التهديد التركي، في حين تفضل إسرائيل استمرار الوجود الروسي في سورية، بدلاً من موطىء قدم أكثر عمقاً لتركيا (على الرغم من مناشدة ترامب في هذا المجال!) من الواضح أن سيد البيت أصابه الجنون، ويبحث عن احتكاك عنيف بأيّ ثمن!

وهذا ما يجري أيضاً في قطاع غزة: لو كان نتنياهو زعيماً حقيقياً، لاحترم الاتفاق الذي وقّعه رجاله في الدوحة، وأنهى المرحلة الأولى. بحسب الاتفاق، كان يجب أن يأمر الجيش الإسرائيلي بالانسحاب من محور فيلادلفيا في 1 آذار/مارس. لكنه تجاهل ذلك بفجاجة مطلقة تشبه أسلوب ترامب، وربط رفضه بعدم موافقة "حماس" على قبول "مخطط ويتكوف" (أي خطة نتنياهو بغلاف ويتكوف) الذي يقترح "هدوءاً في الأعياد، في مقابل تحرير مزيد من المخطوفين"، أي الإفراج عن الأسرى "بالتنقيط"، على طريقة "السلامي"، من أجل إرضاء الجمهور وبعض العائلات (وخلال هذا الوقت، سيزداد الجدل بشأن مَن يصنَّفون حالات إنسانية يجب تحريرهم ومَن سيظل قابعاً في الأنفاق) - وطبعاً، كسب مزيد من الوقت.

إن فكرة تمديد المرحلة الأولى (المرحلة الأولى-2) فكرة مستحسَنة لو كانت ستوفر الوقت لمناقشة المرحلة الثانية، وتؤدي إلى إطلاق كل المخطوفين دفعة واحدة، خلال أسبوع، أو عشرة أيام، أو بالتدريج، خلال شهر، لا أكثر. لكن نتنياهو لم يكن ينوي الوفاء بالالتزامات المطلوبة منه (الانسحاب من القطاع كله وإنهاء الحرب)، لذا، فإن وجهته هي نحو استئناف القتال بحجة واهية وكاذبة، مفادها أن الضغط العسكري سيعيد المخطوفين. فهو يعتقد فعلاً أن الجمهور غبي، ولا يفهم ثمن هذه المخاطرة ("القتل" غير الضروري للمخطوفين، ولمزيد من الجنود).

في خلاصة الأمر، بدأ الخناق السياسي يشتد حول عنق نتنياهو. وكل أفعاله هذه هي محاولة يائسة للتحرر من ذلك. ومثلما هو معروف، كلما بذلنا جهداً أكبر للتخلص من هذا الخناق، كلما ازداد شدة. وبدلاً من التصرف كزعيم عاقل والحرص على 59 مخطوفاً ما زالوا في غزة (24 منهم في قيد الحياة!)، وإنهاء مسيرته السياسية بطريقة محترمة، فإن رئيس الحكومة يقرر "الانتحار" وجرّنا جميعاً إلى الهاوية. نحن مُجبرون على إيقافه.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023