ترجمة حضارات
نحوم برنياع
عندما عبّر وزراء خارجية عرب عن شكوكهم في نوايا نتنياهو، وعدهم الرئيس ترامب: هذه المرة لن أطلب منه – بل سأُملي عليه. من وجهة نظر الإدارة الأميركية، الصفقة محسومة.
قال مسؤولون كبار في إدارة ترامب لدبلوماسيين عرب في واشنطن: "الصفقة منجزة". وعندما عبّر أحد وزراء الخارجية العرب عن شكه في رد نتنياهو خلال لقائهم، أجابه ترامب: "لن أطلب من بيبي أن يوافق على الصيغة، سأقول له أن يوافق".
التفاؤل الأميركي ليس عفويًا، بل تكتيك مدروس. الهدف منه تقليص مجال المناورة للطرفين، وخاصة لإسرائيل، ودفعهما إلى جدار الرفض: نتنياهو لا يستطيع أن يخسر ترامب، وحماس لا تستطيع أن تخسر العالم العربي. دولة تحت وصاية، وتنظيم مسلح تحت وصاية. هذا هو الواقع.
نتنياهو يستطيع أن يقول "نعم، لكن" كما فعل في الماضي، لكن الإطار أصبح محددًا. "لكن" إسرائيل و"لكن" حماس تقلّصتا. أريئيل شارون وصف حالات مشابهة بمصطلح "المسار الضيق": الثيران تسير في الطريق الذي رُسم لها بلا مخرج. وربما يكون هذا المسار إيجابيًا هذه المرة.
إذا كان نتنياهو ما زال يسعى لإفشال الصفقة، فإن فرصته الوحيدة هي الحصول على رفض من حماس. وربما هذا ما دفعه إلى محاولة الاغتيال الفاشلة في الدوحة، عاصمة قطر. فأسهل طريقة لإسقاط الصفقة هي القضاء على الشركاء.
تفاصيل خطة ترامب مهمة، لكن الأهم منها هو الاتجاه: في 12 يومًا من القتال في إيران، حققت إسرائيل وأميركا إنجازات تكتيكية، لكنهما فشلتا في تحويلها إلى تغيير استراتيجي. إسرائيل فضّلت حرب غزة؛ أميركا لم تعرف كيف تستثمر. الخطة الجديدة تسعى لتحقيق ذلك: غزة هي الطابق الأول، شرق أوسط جديد تكون إسرائيل جزءًا منه هو الطابق الثاني، وإيران إما معزولة أو متغيرة من الداخل. رؤية طموحة جدًا.
الوضع يشبه أواخر حرب أكتوبر. إسرائيل ساومت على تفاصيل وقف إطلاق النار. بعض القادة، بينهم وزير الدفاع موشيه دايان، أرادوا استمرار الحرب. رئيسة الوزراء غولدا مئير لم تؤمن بالاتفاق. كيسنجر فرض عليها اتفاقًا أدى لاحقًا إلى سلام مع مصر. وربما ترامب، رغم فخامته الزائدة وأكاذيبه وفساده وسطحيته، يرى ما يصعب على الإسرائيليين رؤيته: من غزة قد تنبت فرصة. وإذا تحقق حلمه، فسيكون جديرًا بكل جوائز نوبل.
لكن للرؤية أثمانًا: الانسحاب من قطاع غزة كليًا أو جزئيًا؛ إسقاط ضم الضفة أو أجزاء منها؛ حضور للسلطة الفلسطينية في غزة برضى الحكومة الإسرائيلية وعلى خلفية اعتراف عالمي بدولة فلسطينية؛ الإفراج عن مئات الأسرى.
نتنياهو يفضّل إنكار هذه الحقائق. في أحد لقاءاته في نيويورك، زعم أن زعماء عرب يتصلون به سرًا ويطلبون منه مواصلة الحرب. لم يتعلم أن في الشرق الأوسط يجب أن يُصغى لما يُقال علنًا.
الخطة تعيد الأسرى. هذه بركتها المؤكدة. وإذا كان الثمن انهيار الائتلاف وتقديم الانتخابات، فليكن. عودتهم لن تمحو وصمة التخلي، كما أن إنجازات الحرب لم تمحُ عار الإخفاق، لكنها تضمن حياة للناجين، وإغلاق دائرة لعائلات الثكلى، وربما أيضًا تنفّسًا جماعيًا للإسرائيليين.
التوقعات من لقاء البيت الأبيض كبيرة. لعلها لا تخيّب.
هل ترغبين بتحويل هذا النص إلى تقرير صحفي، أو صياغة عنوان افتتاحي له؟ يمكنني أيضًا اقتراح مقدمة تحريرية أو تلخيص تحليلي له.