رويترز
ترجمة حضارات
بقلم: باراك سيري
ثمة شخص واحد فقط يخشاه نتنياهو حقًا – ولهذا السبب تم تحديد موعد الاتفاق في هذا التاريخ.
خلف الإعلان الصادر أمس يقف موعد واحد واضح: موعد إغلاق قائمة المرشحين لجائزة نوبل للسلام.
إذا كان هناك شخص واحد في العالم يخشى نتنياهو أن يُفسد عليه فرحته، فهو دونالد ترامب – الذي أجبره على الاعتذار، وأثار عليه غضب اليمين، وفي الواقع أشعل حملة انتخابية في (إسرائيل).
وفي النهاية، كل شيء يتوقف على بند الأسرى. هذا هو جوهر الاتفاق، أما باقي البنود فهي أقل أهمية.
إذا قالت حماس "نعم" وأفرجت عن جميع الأسرى، ستنتهي الحرب بعد عامين، وسيغادر الجيش الإسرائيلي قطاع غزة.
أما إذا رفضت حماس، فسندخل في فيلم دموي سيئ لا يعلم إلا الله متى سينتهي.
حتى قبل رد حماس، يمكن القول إن هذا الاتفاق ممتاز لإسرائيل:
الأسرى في منازلهم، حماس لا تسيطر على القطاع، مجلس سلام برئاسة ترامب سيتولى إدارة غزة بالتعاون مع توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق.
بإمكان عناصر حماس إلقاء أسلحتهم والحصول على عفو أو مغادرة القطاع.
كل بنية حماس التحتية – وعلى رأسها الأنفاق – سيتم تدميرها، وسيُفرج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، فيما تُنقل الإدارة المدنية إلى مجموعة من الموظفين الفلسطينيين.
في البيت الأبيض، أعلنوا أنهم سينتظرون رد حماس خلال الأيام القريبة، وإذا كان سلبيًا – كما وعد ترامب نتنياهو – "افعلوا بحماس ما تشاؤون".
هذا الاتفاق صيغ وانتُزع وفقًا لجدول لجنة جائزة نوبل للسلام.
ترامب – الذي يُوصف بأنه "الأكثر ألوانًا" بين رؤساء الولايات المتحدة – يتوق للحصول على الجائزة في بلدية أوسلو بالنرويج.
يحلم بها، يتحدث عنها منذ سنوات، ويزعم أنه كان يستحقها في ولايته السابقة "لكن بعض الليبراليين منعوه من ذلك".
هذه الرغبة الجامحة لدى ترامب في نيل الاعتراف والجائزة الكبرى – كما حصل عليها رئيس آخر يبغضه وقد حرص أمس على مناداته "باراك حسين أوباما" – هي التي دفعت هذا الاتفاق إلى الأمام.
الأسبوع القادم تُغلق قائمة المرشحين للجائزة.
تم تحديد الجدول الزمني للاتفاق وفقًا لهذا التاريخ.
نتنياهو كان يعرف ذلك، وإذا كان هناك شخص في العالم يخشاه – ويخشى أن يُفسد عليه فرحته – فهو الرئيس ترامب.
وبالمناسبة، من كان يُصغي جيدًا للوزير رون ديرمر قبل شهرين، كان سيفهم أن الأمور تتجه نحو هذا التاريخ بالتحديد.
ترامب نجح في مهمته.
لقد أدخل في دائرة الاتفاق اللاعبين الأكثر أهمية بالنسبة له: قطر وتركيا – خصمان بارزان لإسرائيل وداعمان واضحان لحماس.
بمجرد انضمام هذين الطرفين للاتفاق، أدرك ترامب أنه أنجز الصفقة – صفقة كما يحبها.
فمن دون قطر وتركيا، لا تملك حماس شيئًا فعليًا.
أما مصر، فكان التعامل معها أسهل، فهي ملتزمة بالاتفاق ولديها مصلحة عليا بإنهاء الحرب وتهدئة حدودها.
القطريون، الذين ليسوا سُذّجًا، طالبوا باعتذار علني من نتنياهو عن محاولة الاغتيال الفاشلة لقيادة حماس في منزل خليل الحيّة في الدوحة.
وبالمناسبة، طالبوا بهذا الاعتذار بعد أيام قليلة من المحاولة، كشرط لعودتهم إلى دور الوسيط.
ترامب طالب نتنياهو بتقديم الاعتذار – ونتنياهو وافق.من دون أن يُطلع أعضاء حكومته المصغرة، ومن دون أن يُبلغ أي أحد في إسرائيل.فهو لا يرى أعضاء الكابينت أمامه أصلاً.
بعد أن نشر البيت الأبيض اعتذار نتنياهو لرئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني، بدا الوزير بتسلئيل سموتريتش غاضبًا ومجروحًا كما لم يُسمع منذ زمن طويل:
"الاعتذار المذل أمام دولة تدعم الإرهاب هو عار"، وأضاف:
"اليوم هو الذكرى السنوية لاتفاق ميونخ الذي وُقّع في 29 أيلول/سبتمبر 1938. وكما قال تشرشل آنذاك: إنجلترا كان بإمكانها أن تختار بين العار والحرب، فاختارت العار، ولذلك ستحصل على الحرب".
اعترف نتنياهو أمام رئيس الوزراء القطري بأنه أخطأ حين نفّذ محاولة الاغتيال، وأعرب عن أسفه لانتهاك سيادة قطر، وتعهد أمام الرئيس الأمريكي بألا يفعل ذلك مرة أخرى.
أين هذا الاعتذار من كلمات الغطرسة التي قالها في خطاب مساء محاولة الاغتيال في متحف التسامح في القدس بمناسبة عيد الاستقلال الأمريكي، حين تباهى قائلاً:
"انتهت الأيام التي يتمتع فيها قادة الإرهاب بحصانة في أي مكان. لن أسمح بوجود حصانة لقتلة شعبنا".
وعلى الرغم من هذه الأقوال، فإن مقاتلي حماس سيتمكنون من التجول بحرية وسعادة في قطر، إذ هناك التزام من نتنياهو بعدم المساس بهم هناك بعد الآن.
إذا تم توقيع هذا الاتفاق، فلن يكون أمام سموتريتش وبن غفير ما يفعلانه في الحكومة.
"فرصة ذهبية للاستقالة بصخب من الحكومة والتميّز عن نتنياهو 'اليساري' الذي لم يحسم أمر حماس".
في الواقع، بدأت الحملة الانتخابية للكنيست القادمة.
سموتريتش الذي تحدث عن "بونانزا عقارية" في غزة، وبن غفير الذي وعد قبل أسبوع مئات من رجال الشرطة بأنه سيبني لهم "حي شرطة جميل على شاطئ غزة" – بإمكانهما أن يضعا كل هذه الأحلام على الرف.
كما أن قادة "يشع" الذين حلموا بضم الضفة الغربية يمكنهم أن يواصلوا الحلم.
سيضطرون الآن للنضال من أجل إحباط محاولات إعلان دولة فلسطينية في أراضي الضفة الغربية.
في آخر استطلاع، حصل بن غفير على خمسة مقاعد – قريب جدًا من نسبة الحسم، في حين أن سموتريتش يتأرجح فوقها وتحتها.
وقد تكون لديهما الآن فرصة ذهبية للاستقالة من الحكومة بصخب كبير والتميّز عن "نتنياهو اليساري" الذي لم يهزم حماس ولم يعمل على إعادة الاستيطان في غزة – ناهيك عن ضم الضفة الغربية.
سموتريتش غاضب، وبن غفير أعلن بالفعل أنه سيعقد غدًا اجتماعًا طارئًا لكتلة "عوتسما يهوديت" لاتخاذ قرارات.
وبالمناسبة، يمكنكم أن تطمئنوا: حتى لو انسحبوا من الحكومة وأدّى ذلك إلى تبكير الانتخابات، فمن المرجح جدًا أن يخوضا الانتخابات في قائمة واحدة – كما حدث في الانتخابات الأخيرة.
لن يخاطر أي منهما بعدم تجاوز نسبة الحسم وإحراق مقاعد من معسكر نتنياهو، ونتنياهو نفسه لن يسمح بذلك.
غدًا، عشية يوم الغفران، ستنتظر إسرائيل بأنفاس محتبسة رد حماس، التي أعلنت بالفعل أنها ستتعامل بإيجابية مع الاقتراح.
وإذا جاء الرد إيجابيًا، فخلال ثلاثة أيام من توقيع الاتفاق سيكون الأسرى في بيوتهم – أحياءً وأمواتًا.
يبدو أن وضع حماس صعب فعلاً، ومع هذه الائتلافية التي بناها ترامب ضد التنظيم، ستكون لديها مشكلة كبيرة في رفض الاقتراح.