هل سيخضع التعليم العربي إلى معايير استعمارية أيضا ً؟

ترجمة حضارات 


بقلم: إليوت أبرامز

تتمتع الأردن بسمعة مرموقة كدولة معتدلة تعيش في سلام مع إسرائيل، رغم أنه كان واضحًا دائمًا أن هذا السلام بارد بطبيعته. ويبدو أن الأردنيين يحملون وجهات نظر سلبية للغاية تجاه إسرائيل واليهود.

هناك عدة تفسيرات محتملة لذلك، بما في ذلك التعرض المستمر للدعاية المعادية لإسرائيل على قناة الجزيرة. لكن سيكون من الخطأ تجاهل تفسير جوهري واحد: فالمدارس الأردنية تعلّم مواطنيها أن يشعروا بالكراهية والازدراء تجاه اليهود والإسرائيليين.

في تصريحاته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر، قال الملك عبد الله الثاني: "في الأردن، نحن مصممون على العمل من أجل عالم يتمتع فيه الناس بالأمان في منازلهم، ويكونون آمنين في ممارسة شعائرهم الدينية، وقادرين على العيش والازدهار بكرامة." كما أعرب عن أسفه قائلاً: "الحروب المتكررة تعلم أجيال الإسرائيليين والفلسطينيين أن الملاذ الوحيد لهم… هو السلاح."

كما هو معتاد، لم تتطرّق تصريحات الملك تقريبًا إلى الوضع في الأردن، الدولة التي تواجه العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية العميقة، وركّزت بدلًا من ذلك على الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. ولكن مهما كان ما يُقال عن أن "الحروب المتكررة تعلم أجيال الإسرائيليين والفلسطينيين"، فإن نظامه التعليمي هو نفسه الذي يزرع في أجيال الأردنيين الكراهية والاحتقار.

وقد قامت منظمة IMPACT-seالقيّمة، والتي تختص بمراجعة الكتب المدرسية حول العالم، بفحص المناهج الأردنية مرة أخرى هذا العام، وكانت النتائج مقلقة، وربما غير متوقعة بالنسبة لكثيرين.

وتوضح IMPACT-seمهامها قائلة:

"غالبًا ما تكشف المناهج الدراسية عن تصور الأمة لذاتها، وفهمها لـ 'الآخر'، والاتجاه العام المستقبلي للبلاد. وبالتالي، تعمل المناهج كعدسة تنعكس من خلالها النوايا الوطنية. وتقوم IMPACT-se بتقييم المناهج الوطنية عبر تحليل أكبر عدد ممكن من الكتب المدرسية، باستخدام معايير دولية تستند إلى إعلانات اليونسكو والأمم المتحدة، إضافة إلى وثائق أخرى حول السلام والتسامح في التعليم."

وقد شرع الأردن في تجديد واسع للكتب المدرسية خلال العامين الدراسيين الماضيين، مستبدلًا 88 كتابًا دراسيًا. لكن هذه أمثلة على ما لا يزال موجودًا، مأخوذة من تقرير Falling Short: Review of Jordanian Textbooks for 2024-2025:

  • كتاب تاريخ للصف الثاني عشر يهاجم بصراحة المطالب التاريخية والدينية لليهود في القدس، واصفًا إياها بأنها "لا أساس لها في الواقع". كما يُعلَّم الطلاب أن "الاحتلال الإسرائيلي يتبنى سياسات تهدف إلى تهويد التراث المقدسي والسيطرة على أراضيه من خلال الادعاء بأن هذه كانت تنقيبات أثرية... ويحاولون ربط كل ما يُكتشف بسرديات تلمودية مزورة لتاريخ المدينة، في محاولة من سلطات الاحتلال لإثبات جذور تاريخية لهم في القدس وفلسطين." ويُعلَّم الطلاب أن الأهمية الدينية لحائط المبكى لدى اليهود هي "ادعاء زائف للصهاينة".
  • يُعلَّم طلاب الصف الثاني عشر أن "الحركة الصهيونية هي حركة سياسية استعمارية وعنصرية، تهدف إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، استنادًا إلى مزاعم تاريخية لا أساس لها." أما طلاب الصف الحادي عشر، فيقال لهم: "الطموحات الاستعمارية الجشعة للأراضي العربية تعود إلى العصور القديمة، واتخذت شكل حركة سياسية عنصرية، وهي الحركة الصهيونية."
  • يُعلَّم الطلاب أن "الخيانة وانتهاك الاتفاقيات هي من صفات اليهود وطبائعهم الطبيعية." ويشتمل كتاب التربية الإسلامية على قسم بعنوان "خيانة اليهود"، يعلّم أن "اليهود" خانوا النبي محمد رغم معاملته الحسنة لهم، ويطلب من الطلاب "تفسير موقف اليهود تجاه الاتفاقيات والمعاهدات"، مصوّرًا اليهود كخائنين وغير موثوقين.
  • ما يُعلَّم طلاب الصف العاشر عن مجازر حماس في 7 أكتوبر 2023: "تجاهلت إسرائيل قرارات مجلس الأمن المتكررة، ورفضت الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، واستمرت في اضطهاد الشعب الفلسطيني وارتكاب المجازر ضده يوميًا، ومهاجمة المسجد الأقصى. وهذا دفع حركة المقاومة الفلسطينية في غزة إلى اقتحام المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، وأخذ عدد من المستوطنين والجنود الإسرائيليين أسرى." وتجدر الإشارة إلى أن النص يشير إلى الإسرائيليين في "إسرائيل على خط 1949" كمستوطنين، أي أن كل إسرائيل تُعتبر مستوطنة غير قانونية يجب اقتلاعها.
  • كتب الجغرافيا والدراسات الاجتماعية تحدد كل أراضي إسرائيل على أنها جزء من "فلسطين"، ولا يرد اسم "إسرائيل" فيها.
  • كتاب عن "تاريخ الأردن" يشير إلى معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994 على أنها معاهدة مع "دولة الاحتلال الإسرائيلي".

وتشير IMPACT-seأيضًا إلى الفقرات المثيرة للاعتراض في الكتب السابقة التي أُزيلت من النسخ الجديدة، فضلاً عن فقرات تعزز التسامح. لكن الأمثلة أعلاه، والكثير غيرها في التقرير الكامل، تشير إلى أن الأردن لا يزال بعيدًا عن المستوى الذي وصلت إليه، على سبيل المثال، الإمارات العربية المتحدة في تعليم السلام والتسامح لأجيالها القادمة.

وعندما نقرأ عن "السلام البارد" ونرى نتائج استطلاعات الرأي المروّعة في الأردن، يجب أن نفهم ما يُعلَّم أطفال الأردن. فقد أظهرت استطلاعات في وقت سابق من هذا العام أن 76% من الأردنيين يعارضون أي مساعدات إنسانية لإسرائيل في حال وقوع زلزال أو كارثة طبيعية هناك؛ و60% ينظرون إلى إطلاق صواريخ حماس على إسرائيل "إيجابيًا" أو "إيجابيًا إلى حد ما"، بينما يرى 12% فقط الاتفاقيات الإبراهيمية بشكل إيجابي. واستطلاع آخر عام 2022 أظهر أن 94% من الأردنيين يعارضون الاعتراف بإسرائيل. وقد أظهرت العديد من الدراسات على مدى عقود أن الأردن واحد من أكثر الدول معاداة للسامية في العالم.

ولن يتغير أي من هذا الوضع طالما يتم غرس الكراهية لإسرائيل واليهود في أطفال الأردن، وتزوير التاريخ اليهودي في القدس. فإذا كان الملك يصدق حقًا أنه "في الأردن، نحن عازمون على العمل من أجل عالم يشعر فيه الناس بالأمان في منازلهم، ويكونون أحرارًا في ممارسة شعائرهم الدينية، وقادرين على العيش بكرامة وازدهار"، فإن البداية الصحيحة يجب أن تكون من المدارس المحلية، وليس في انتقاد إسرائيل فقط.




رابط المقال: https://www.cfr.org/blog/teaching-hate-jordan

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025