ترجمة حضارات
آنا برسكي
بينما ساعة العدّ التنازلي التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تواصل الدوران، وكل الأنظار من القدس، واشنطن، القاهرة، أنقرة، وحتى الدوحة تتجه نحو قيادة حماس المنغلقة، يصبح السؤال المركزي أكثر حدّة من أي وقت مضى: هل تملك قطر، الوسيط الرئيس والمضيف لقيادة الحركة، فعلاً المفتاح الذي سيحسم إن كانت حماس ستقول "نعم" لخطة إنهاء الحرب – أم أن تأثيرها محدود، والقرار يُتخذ في قلب الحركة نفسها، لا بفضل الضغط القطري؟
منذ سنوات، تُعتبر قطر قادرة على ترجيح الكفة، بفضل الغطاء السياسي والمال والمأوى الذي تمنحه لقيادة حماس. لكن في هذه اللحظة التي يُطلب فيها جواب واضح، يتضح أن مدى تأثيرها الفعلي بعيد عن أن يكون بسيطًا.
ثلاثة خبراء يشرحون
د. أريئيل أدموني – معهد القدس للاستراتيجيا والأمن، خبير في شؤون قطر:
"منذ بداية الحرب نُسب لقطر تأثير هائل على حماس، وأنا متشكك في حجم هذا التأثير. صحيح أن الدعم الاقتصادي والإعلامي والدبلوماسي مهم للحركة، لكن السؤال: ما مدى مركزيته من وجهة نظر حماس نفسها؟ وحتى أكثر من ذلك، قطر تُشرك بوعي مصر وتركيا في الغرفة، ربما خشية من فشل الخطة، بحيث لا تُحمَّل وحدها المسؤولية أمام واشنطن إذا لم تخرج الخطة إلى حيّز التنفيذ".
د. غاليا ليندنشتراوس – باحثة بارزة في معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، جامعة تل أبيب:
"تركيا تدعم حماس بشكل علني وحازم، وتسعى لأن تبقى فاعلًا سياسيًا في الساحة الفلسطينية. الرئيس أردوغان قال مرارًا إن حماس ليست منظمة إرهابية بل حركة مقاومة. في تركيا هناك نشاط لوجستي ومالي للحركة، وحتى تخطيط لهجمات في إسرائيل والضفة. إذا أرادت أنقرة الضغط على حماس، يمكنها أن تصعّب عليها العمل من أراضيها. توقيعها على البيان المشترك مع دول إسلامية مؤيدًا للخطة يحمل دلالة، لكنه جاء بالأساس تحت ضغط أميركي، لا بسبب تغيير جوهري في سياستها".
غاي أبيعاد – مؤرخ عسكري وباحث في شؤون حماس:
"مراكز الثقل للحركة موجودة في قطر وتركيا، خصوصًا في آليات اتخاذ القرار وبناء القوة. لكن لحماس أيديولوجيا، وخطة ترامب تُفرغ عنصر المقاومة من مضمونه. القيادة الخماسية العليا للحركة اختفت منذ شهر تقريبًا وتُحاط بحماية قطرية. ولا ننسى أن الجهاد الإسلامي أيضًا لاعب يحتجز أسرى ولا يخضع لا لقطر ولا لتركيا".
الخلاصة
الصورة معقدة: قطر هي العنوان الطبيعي لممارسة الضغط على حماس، لكنها ليست الوحيدة. فهي تختار إشراك مصر وتركيا لتقاسم المسؤولية. أنقرة بدورها تستطيع، إذا شاءت، فرض قيود حقيقية على الحركة، لكنها تتحرك حاليًا تحت ضغط أميركي أكثر مما هو تغيير في سياستها الثابتة. أما حماس، فتبقى متمسكة بأيديولوجيا "المقاومة"، حتى لو كان الثمن مواجهة مع العالم كله. التأثيرات الخارجية موجودة، لكنها محدودة. السؤال ليس فقط ماذا تريد الدوحة أو أنقرة، بل ما الذي تستعد حماس للتخلي عنه – وهو سؤال إجابته حتى الآن لا تزال مفتوحة.