نيويورك تايمز
ترجمة حضارات
بقلم: إفراط ليفني وليام ستاك
اعترضت إسرائيل أكثر من عشر سفن تقلّ ناشطين من مختلف أنحاء العالم، كانوا جزءًا من أسطول يسعى لإيصال مساعدات إنسانية إلى غزة والتظاهر ضد الحرب هناك، وفقًا لتصريحات المنظمين صباح الخميس الباكر.
وتم احتجاز أكثر من 150 ناشطًا من أكثر من 20 دولة، فيما لا تزال نحو 30 سفينة في طريقها إلى غزة، بحسب ما أفاد منظمو الأسطول. وأضافت المجموعة أن تلك السفن تبعد حوالي 46 ميلًا بحريًا عن سواحل القطاع.
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد صرّحت مساء الأربعاء بأن "عدة" سفن تم "إيقافها بأمان، وأن الركاب يُنقلون إلى ميناء إسرائيلي". ونشرت الوزارة مقطع فيديو يظهر الناشطة السويدية في مجال المناخ، غريتا ثونبرغ، وهي تتحدث بهدوء مع شخص يرتدي زيًا عسكريًا.
وتُعد هذه السفن جزءًا من أسطول "Global Sumud Flotilla"، الذي ينظمه ناشطون يحتجون على حرب إسرائيل في غزة، بمحاولة توصيل الغذاء وغيرها من السلع إلى القطاع، متحدّين الحصار الإسرائيلي الطويل الأمد. وتجدر الإشارة إلى أن أجزاء من غزة تعاني من المجاعة في الأشهر الأخيرة، وفقًا لتقرير لجنة خبراء غذاء مدعومة من الأمم المتحدة، وهو ما رفضته إسرائيل.
أظهر مقطع فيديو نشره منظمو الأسطول الناشط البرازيلي تياجو أفيلّا، عضو لجنة التوجيه في المجموعة، على أحد القوارب وهو يرد على الطلب المسموع بالعودة قائلاً إن المجموعة تقوم بمهمة إنسانية وتحمل فقط الغذاء والإمدادات الطبية وأغراضًا مثل فلاتر المياه.
وقال منظمو الأسطول إن القوات البحرية الإسرائيلية قامت بـ"اعتراض واستيلاء غير قانوني" على القوارب في المياه الدولية، واصفين ذلك بأنه "هجوم غير قانوني على إنسانيين مسلحين فقط بأدوات إنسانية". كما نشروا مقاطع فيديو تُظهر بعض القوارب تتعرض لقنابل المياه.
من جهته، رفض مكتب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، جهود الأسطول واصفًا إياها بأنها مجرد "استعراض علاقات عامة"، وقال في بيان مساء الأربعاء إن الركاب سيتم ترحيلهم على الفور.
وكان الناشطون يتوقعون مواجهة القوات الإسرائيلية، وقد قاموا ببث رحلتهم عبر البحر الأبيض المتوسط مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأظهرت مقاطع الفيديو تدريباتهم على الردود السلمية غير العنيفة في حال مواجهة قوات كوماندوز إسرائيلية محتملة.
وقد جذبت السفن المتجهة إلى المنطقة اهتمامًا واسعًا من الجمهور منذ إبحارها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مشاركة شخصيات بارزة مثل السيدة ثونبرغ ونواب برلمانيين من إيطاليا، حيث تسببت الاحتجاجات المناهضة للحرب في تعطيل حركة المرور وإرباك الأنشطة الأخرى خلال الأسابيع الماضية.
أدت أنباء عمليات الاعتراض إلى اندلاع المزيد من الاحتجاجات في إيطاليا، وإلى دعوة من النقابة العمالية Unione Sindacale di Base إلى إضراب وطني يوم الجمعة.
أظهرت مقاطع الفيديو والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجات في بلجيكا وفرنسا وألمانيا واليونان وإسبانيا وتركيا. وقد شكر منظمو الأسطول المحتجين على خروجهم إلى الشوارع في تحديثهم المصوّر صباح الخميس.
وأدان أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، بشدة أعمال إسرائيل في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي صباح الخميس، ودعا إلى الإفراج الفوري عن الناشطين. وقال: «من خلال عرقلة هذه المهمة الإنسانية، لا تتجاهل إسرائيل حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية فحسب، بل تدوس أيضًا على ضمير المجتمع الدولي».
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الماليزية بأن الجيش الإسرائيلي قد أكد احتجاز ثمانية ماليزيين كانوا على متن الأسطول.
لقد كان المنظمون في صراع مع السلطات الإسرائيلية منذ بداية المهمة. وقد صرّحت حكومة إسرائيل بأنها ستفعل كل ما يلزم لمنع وصول السفن إلى غزة، واتهمت المجموعة بوجود صلات مع حركة حماس، وهو ما نفاه المنظمون.
واتهمت "Global Sumud Flotilla" إسرائيل بالضلوع في سلسلة من الهجمات بطائرات مسيّرة على السفن أثناء عبورها البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك في المياه القريبة من اليونان الأسبوع الماضي، وفي أحد الموانئ بتونس في وقت سابق من سبتمبر.
بعد هذه الحوادث، أرسلت إيطاليا وإسبانيا سفنًا بحرية لمرافقة الأسطول في أجزاء من رحلته، بينما قامت تركيا بمراقبة القوارب عبر طائرات مسيّرة وتوثيق الهجمات المحتملة.
لكن مع اقتراب الأسطول من إسرائيل، حثّت تلك الدول أعضائه على العودة إلى الوراء.
وفي يوم الأربعاء، أصدرت وزارتا الخارجية اليونانية والإيطالية نداءً مشتركًا طالبتا فيه المجموعة بتحويل مساعداتها إلى Latin Patriarchate of Jerusalem، التي ستقوم بتوصيلها نيابة عنهم. وأعربتا عن قلقهما من أن النشطاء قد يعرضون خطة السلام التي اقترحتها الولايات المتحدة يوم الاثنين للخطر.
وجاء في بيانهما: “في هذه اللحظة الحساسة، يجب على الجميع الامتناع عن أي مبادرات يمكن استغلالها من قبل أولئك الذين ما زالوا يرفضون السلام.”
السلطات الإسبانية دعت أيضًا السفن إلى عدم التقدم أكثر في ما وصفته إسرائيل بـ"المنطقة العسكرية المغلقة"، لأن القيام بذلك سيكون "تهديدًا جسيمًا لأمنهم الشخصي"، وفقًا لما أفادت به هيئة البث الحكومية الإسبانية.
عرض المسؤولون الإسرائيليون نقل حمولة السفن إلى غزة إذا وافق القائمون على تفريغها في ميناء إسرائيلي أو ميناء آخر في المنطقة. لكن المنظمين رفضوا هذا العرض بوصفه غير صادق، وقالوا إنه يثبت أن إسرائيل لا تعتبرهم فعليًا مرتبطين بحركة حماس.
وقال عدنان ستومو، وهو أمريكي يرافق إحدى السفن، عبر الهاتف يوم الجمعة، في إشارة إلى ميناء إسرائيلي: «بعد أن يطلقوا علينا اسم ‘أسطول حماس’، يدعوننا بعد ذلك إلى مرسى أشكلون».
وأضاف ستومو أن المتطوعين كانوا «أشخاصًا عاديين» تأثروا بالأضرار التي لحقت بالمدنيين نتيجة الحرب في غزة، وكانوا يعملون وفق مبادئ اللاعنف.
لقد تم إحباط جهود الناشطين للوصول إلى غزة بحرًا من قبل.
في مايو الماضي، أوقفت السفينة المتجهة إلى غزة والمسمّاة Conscience مهمتها قبالة سواحل مالطا بعد أن تعرضت لانفجارات. واعترضت إسرائيل سفينة Madleen في يونيو، والتي كانت على متنها السيدة ثونبرغ، وسفينة أخرى باسم Handala في يوليو.
وفي عام 2010، أسفرت محاولة إسرائيل لإيقاف أسطول آخر عن وقوع قتلى، بعد أن صعدت قوات كوماندوز البحرية الإسرائيلية على إحدى السفن، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن تسعة ركاب وإصابة 30 آخرين.
وقد أصبحت القيود الإسرائيلية على دخول البضائع إلى غزة أكثر صرامة منذ اندلاع الحرب هناك بعد الهجوم الذي شنّته حماس في 7 أكتوبر 2023. ففي الفترة من مارس إلى مايو من هذا العام، منعت إسرائيل دخول جميع أشكال المساعدات إلى غزة، بحجة منع حماس من نهب الغذاء المخصص للمدنيين.
وفي أغسطس، صرّح خبراء الأمن الغذائي العالمي بأن بعض مناطق غزة تعاني من المجاعة، وأن الجوع الشديد والحرمان منتشران على نطاق واسع هناك. وفي الشهر الماضي، قالت لجنة تابعة للأمم المتحدة تحقق في سلوك إسرائيل خلال الحرب إن البلاد ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
وقد رفضت إسرائيل كلا الاستنتاجين وأعربت عن اعتراضها على منهجيتهما.