هَلِ انتهت قِصّة أُسطول الصّمود بهذه القَفلة الصّهيونازيّة للقِصّة؟

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

قِمّة الغباء أنّهم اعتقدوا ذلك، لأنّ القِصّة، كما هو معروف، لها عُقدة ولها شخصيّاتها ومكانها وزمانها، ولها نهاية المطاف: حلٌّ أو نهاية مفتوحة. والّذي يصنع قَفلة القِصّة هو كاتبها، ولا يمكن لطُفيلٍ طارئٍ أن يحكم مسارها أبدًا.

كاتب القِصّة هنا مجموعة وليس فردًا، وهذه المجموعة مميّزة متنوّعة، ذات أفق واسع من الثّقافة، والحريّة عالية الرّوح، ذات عزائم نبيلة وهمم قويّة، وإرادات صادقة. ذات خبرات وقدرات وبصمات عميقة في الحياة. انطلقت إرادتها كالسّيل في وجه عتاولة الإجرام. عرفت مكانها جيّدًا وحفرت له في الذّاكرة الإنسانيّة عميقًا.

لا يمكن أن يكون لها ضمير مرتاح، وهناك في زمانها على مساحة من الأرض من يمارس أبشع الجرائم وينتهك كلّ الأعراف الإنسانيّة. هي قرّرت أن تتبرّأ البشريّة الحرّة من هذه الجرائم، وقرّرت أن تقود المجتمع البشريّ الّذي ما زال له ضمير أو بقايا ضمير أن يلفظ هذه الحثالة الّتي لا تكترث بالمشاعر الإنسانيّة، فتصدمها صباحًا ومساءً بأسوأ كارثة عرفتها البشريّة في هذا الزمان.

لقد وصلت القِصّة بأبطالها الأفذاذ أن يركبوا عرض البحر، وذاك الوحش المفترس بانتظارها، مختارين أعلى درجات التّضحية والفداء، وبذل أعزّ ما يملكون في حياتهم. وقد أحاط بهم هذا الوحش بأنيابه ومخالبه، مانعًا لهم أن يوصلوا حليبًا للأطفال الّذين يموتون جوعًا ويكتوون بنيران قصفه وتدميره لكلّ مقوّمات الحياة. منعوهم من إيصال دواء لمرضى السّرطان، ولتخدير جرحى تُبتر أطرافهم دون تخدير ولا مضادّ.

ما أغباك أيّها المحتلّ وأنت جاهل بهؤلاء الأبطال! هل تراهن أنّهم يتوقّفون عند حدود فظائعك؟ أنت لا تدرك حقيقة هؤلاء، لأنّك تعتبر نفسك شعب الله المختار، وبعد ذلك تنتهي حدود البشر ويصبح الآخرون عندك في عداد كائنات لا نصيب لها من البشر إلا شكلها. خلقها الله لك فقط لتتفانى في خدمتك، وهم دون البشر.

ما أغباك أيّها المحتلّ وأنت تعتقد أنّ القِصّة قد انتهت، وأنّ للطّوفان نهاية بمقدور أنيابك أن ترسم نهايته؟

هذه بداية قومٍ قرّروا إطفاء نار هذا الهولوكوست، ولا نهاية عندهم إلا وقف المقتلة وأن تلفظ البشريّة هذه الشّردمة

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025