رد حماس على مقترح ترامب يقلب الموازين

هآرتس 

حماس: نوافق على إطلاق سراح جميع الأسرى وفق مقترح ترامب والدخول في مفاوضات حول التفاصيل

قال القيادي في حماس أبو مرزوق إن إطلاق سراح الأسرى خلال 72 ساعة ليس واقعياً في الظروف الحالية، وإن تنفيذ الخطة يتطلب تفصيلات وتفاهمات. في بيان حماس لم يكن هناك أي إشارة إلى إمكانية نزع سلاحها

أعلنت حماس مساء اليوم (الجمعة) أنها مستعدة لإطلاق سراح جميع الأسرى، الأحياء والأموات، المحتجزين في القطاع في إطار خطة ترامب لإنهاء الحرب، وأكدت أنها مستعدة للدخول في مفاوضات فورية حول تفاصيل المبادرة. وفي ردها، ذكرت الحركة أنها توافق على نقل إدارة القطاع إلى هيئة فلسطينية مستقلة "بتنسيق وطني وبالاستناد إلى دعم عربي-إسلامي". وذلك، على الرغم من أن خطة ترامب تنص على أن إدارة غزة ستسلم في فترة انتقالية إلى "لجنة فلسطينية" لكنها ستدار من قبل هيئة دولية ("مجلس السلام") برئاسة ترامب نفسه ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير. وأكدت حماس في بيانها أن "قضايا إضافية في مقترح ترامب بشأن مستقبل قطاع غزة وحقوق شعبنا – مرهونة بموقف وطني سيناقش في إطار وطني فلسطيني شامل".

في إسرائيل لا ينوون الرد في هذه المرحلة، وسيدرسون جواب حماس لفهم ما إذا كانت الخطوة تهدف إلى تنفيذ الاتفاق أو إلى تأجيل الموعد الذي حدده ترامب. في الأيام الأخيرة قدّروا في إسرائيل أنه إذا قدمت حماس جواباً إيجابياً، كاملاً أو جزئياً، سيدخل الطرفان في مفاوضات، لأن خطة ترامب لا تتناول تفاصيل جوهرية مثل جداول زمنية واضحة لتنفيذ مراحل الصفقة المختلفة، أو خطوط الانسحاب الدقيقة للجيش الإسرائيلي في كل مرحلة، أو هوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم. الجيش الإسرائيلي يواصل في هذه الأثناء شن الغارات على غزة، في غياب تعليمات أخرى.

ذكرت حماس أنها تشاورت مع الفصائل الفلسطينية في القطاع وكذلك مع الوسطاء بشأن الخطة، "انطلاقاً من الرغبة في وقف العدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة، ومن منطلق المسؤولية الوطنية والحفاظ على مبادئه وحقوقه والمصالح العليا للشعب الفلسطيني". وأشادت بجهود الرئيس دونالد ترامب وبقية الأطراف المشاركة في بلورة الخطة، وأكدت استعدادها للخطوات التي ذكرت لصالح إنهاء الحرب والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من القطاع.

خطة ترامب لا تطالب بانسحاب كامل لإسرائيل من القطاع في المرحلة الأولى ولا حتى الثانية، وإنما في وقت غير محدد في المستقبل، عندما يكون القطاع "خاليا تماماً من الإرهاب". وفق مقترح ترامب، مع موافقة الطرفين على العرض "سينسحب الجيش الإسرائيلي إلى الخط المتفق عليه، تمهيداً لإطلاق سراح الأسرى. في هذا الوقت ستُعلّق جميع الأنشطة العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي وإطلاق المدفعية، وستبقى خطوط القتال ثابتة حتى تنضج الظروف للانسحاب الكامل على مراحل". الجيش الإسرائيلي سيُطلب منه أن ينقل تدريجياً المناطق التي يسيطر عليها في غزة إلى قوة التثبيت الدولية المؤقتة (ISF) وفق الاتفاق الذي سيوقع مع سلطة العبور المؤقتة حتى ينسحب كلياً من غزة، باستثناء وجود أمني محيطي سيبقى حتى تكون غزة مؤمنة بشكل كافٍ من أي تهديد إرهابي متجدد".

أعلنت حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية، وفصائل فلسطينية أخرى في بيان مشترك أن الفصائل تقدر جهود ترامب لوقف الحرب. وقال مسؤول في أحد الفصائل لصحيفة "هآرتس": "نريد أن تكون هناك خطة عملية وجدول زمني محدد وواضح للانسحاب، لأنه بمجرد أن تحصل إسرائيل على الأسرى لن يبقى لدى حماس أي ورقة، وكل شيء سيكون في يد إسرائيل". وأضاف: "إذا لم تكن هناك ضمانات لتنفيذ بقية تفاصيل الخطة فلن تقوم إسرائيل بأي انسحاب. نذكّر الجميع أن اتفاق أوسلو وقع كاتفاق مرحلي لخمس سنوات، وفي النهاية استمر 30 عاماً".

قال موسى أبو مرزوق، القيادي في حماس، مساء اليوم لشبكة الجزيرة بعد نشر رد الحركة، إن تسليم الأسرى الأحياء والأموات خلال 72 ساعة كما نصت الخطة هو "نظري وليس واقعياً في الظروف الحالية". وأكد أن "تنفيذ نقاط الخطة يتطلب تفصيلات وتفاهمات"، وأنه "لا يمكن تنفيذ الخطة بدون تفاهمات". وأضاف: "كل التفاصيل المتعلقة بقوة حفظ السلام تتطلب توضيحاً". وقال أيضاً إن حماس مستعدة للدخول في مفاوضات "حول جميع القضايا المتعلقة بالحركة والسلاح".

قيادي آخر في الحركة، أسامة حمدان، قال لقناة العربي: "لن نقبل بإدارة أجنبية لقطاع غزة، يجب إنشاء هيئة فلسطينية مستقلة لإدارة الموضوع... دخول إدارة أجنبية أو قوات أجنبية إلى غزة أمر غير مقبول". وأكد أنه "لا يمكن قبول أي طرف غير فلسطيني يدير شؤون غزة. هناك اتفاق وطني فلسطيني يلزم بأن تُدار غزة من قبل هيئة فلسطينية. محاولة إخراج حماس من العملية السياسية الفلسطينية لن تنجح". ووافق حمدان مع أبو مرزوق على أن عملية إطلاق سراح الأسرى تتطلب أكثر من 72 ساعة، وأضاف أنه يجب التوصل إلى تفاهم في هذا الشأن.

وقال: "يجب أخذ الوضع على الأرض بعين الاعتبار فيما يتعلق بالأسرى الأحياء والجثث. نحن مستعدون للدخول في مفاوضات بشأن ذلك". وأكد أن الحركة تتوقع "رداً إيجابياً من ترامب يأخذ بالاعتبار الموقف الإيجابي لحماس".

هدد ترامب اليوم مرة أخرى حماس وقال إنه يجب عليهم الموافقة على مقترحه لإنهاء الحرب حتى يوم الأحد الساعة 18:00 بتوقيت الولايات المتحدة (01:00 ليلاً بتوقيت إسرائيل)، وإلا فإن "أبواب الجحيم ستفتح على التنظيم كما لم يحدث من قبل". وكتب الرئيس في حسابه على شبكة Truth Social أن أكثر من 25 ألفاً من عناصر حماس قد قُتلوا بالفعل، وبمجرد أن يعطي الأمر سيُقتل الباقون أيضاً، ومعظمهم "محاصرون ومطوقون". وأضاف أنه يطلب من جميع الفلسطينيين الأبرياء أن ينتقلوا إلى "مناطق أكثر أماناً في غزة".

قال دبلوماسيون عرب أمس لصحيفة "هآرتس" إن حماس صاغت تعديلات ستطالب بها على المقترح الذي قدمه ترامب، لكن قطر ومصر وتركيا ضغطت عليها لتكون مرنة وتقلل من معارضتها. ووفقاً للدبلوماسيين، ركزت الدول الثلاث جهودها على منع رفض مطلق للخطة، خطوة تعتقد أنها ستؤدي إلى تصعيد في عمليات الجيش الإسرائيلي وتدهور الوضع الإنساني في غزة.

في الأيام الأخيرة أعرب مسؤولون في حماس عن استيائهم من خطة ترامب. وقالت مصادر في الحركة لصحيفة "هآرتس" إنهم من المتوقع أن يوافقوا على الخطة شريطة إجراء تغييرات، لكن بحسبهم سيُطلب أكثر من بضعة أيام للتوصل إلى تفاهمات بشأن مطالبهم. وقال قيادي في الحركة هذا الأسبوع لهيئة BBC إن الحركة من المتوقع أن ترفض الخطة. ووفقاً له، الصفقة "تخدم مصالح إسرائيل وتتجاهل مصالح الشعب الفلسطيني". وأوضح أن حماس لا تنوي نزع سلاحها، وأن الحركة سترفض نشر قوة دولية في القطاع، والتي ستشكل بحسبه "شكلاً جديداً من الاحتلال".

بدأت حماس مناقشة الخطة بعد أن تلقتها يوم الاثنين من قطر ومصر، لكن الحركة لم تعلق رسمياً على الخطة بعد. ومنذ بدء المشاورات في الحركة، عبّر مسؤولون في حماس عن معارضتهم لبعض أجزاء الخطة. على سبيل المثال، كتب مدير مكتب الإعلام التابع لحماس في غزة، إسماعيل التوأبته، أول أمس على شبكة X أن خطة ترامب "لا تمثل حلاً حقيقياً أو موضوعياً أو عادلاً".

وفقاً للخطة، منذ لحظة الموافقة العلنية على الاتفاق، سيتم إطلاق سراح جميع الأسرى خلال 72 ساعة. "مع موافقة الطرفين على هذا العرض، ستنتهي الحرب فوراً. سينسحب الجيش الإسرائيلي إلى الخط المتفق عليه تمهيداً لإطلاق سراح الأسرى. في هذا الوقت، سيتم تعليق جميع الأنشطة العسكرية، بما في ذلك الغارات الجوية وإطلاق المدفعية، وستبقى خطوط القتال ثابتة حتى يتم استيفاء شروط الانسحاب المرحلي"، جاء في العرض الذي نُشر في ختام الاجتماع في البيت الأبيض. لم يتم تحديد الجدول الزمني للانسحاب.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025