هآرتس
الكتّاب: جاكي حوري، ليزا روزوفسكي، يهونتان ليس، ينيف كوفوفيتش
حماس أعلنت مساء الجمعة أنها مستعدة لإطلاق سراح جميع الأسرى، الأحياء والجثامين، المحتجزين في القطاع في إطار خطة ترامب لإنهاء الحرب، وشدّدت على استعدادها للدخول فورًا في مفاوضات حول تفاصيل المقترح. وفي ردّها، قالت الحركة إنها توافق على نقل إدارة القطاع إلى جهة فلسطينية مستقلة "بتنسيق وطني وبالاستناد إلى دعم عربي-إسلامي". وذلك رغم أنّ خطة ترامب تنص على أن تُسلَّم إدارة غزة خلال الفترة الانتقالية إلى "لجنة فلسطينية" تُدار من قِبل جهة دولية ("مجلس السلام") برئاسة ترامب نفسه ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. وجاء في بيان حماس أنّ "قضايا أخرى في مقترح ترامب بخصوص مستقبل قطاع غزة وحقوق شعبنا – مرتبطة بالموقف الوطني وستُناقَش ضمن إطار وطني فلسطيني شامل".
في إسرائيل لا ينوون الرد في هذه المرحلة، وسيتم دراسة جواب حماس لمعرفة ما إذا كان الهدف تنفيذ الاتفاق أم تأجيل الموعد الذي حدّده ترامب. قدّر مسؤولون في الأيام الأخيرة أنه إذا قدّمت حماس جوابًا إيجابيًا، كاملاً أو جزئيًا، فسيدخل الطرفان في مفاوضات، لأن مقترح ترامب لا يتناول تفاصيل جوهرية مثل جداول زمنية واضحة لتنفيذ مراحل الصفقة المختلفة، أو خطوط انسحاب دقيقة لجيش الاحتلال في كل مرحلة، أو هوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم. والجيش يواصل في هذه الأثناء شنّ ضربات في غزة لعدم صدور تعليمات أخرى.
أشارت حماس إلى أنها تشاورت مع الفصائل الفلسطينية في القطاع وكذلك مع الوسطاء بشأن الخطة، "من منطلق الرغبة في وقف العدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة، ومن منطلق المسؤولية الوطنية والحفاظ على مبادئه وحقوقه والمصالح العليا للشعب الفلسطيني". وأثنت على جهود الرئيس دونالد ترامب وباقي الجهات المشاركة في بلورة الخطة، وأعلنت استعدادها للخطوات المذكورة من أجل إنهاء الحرب وانسحاب كامل لجيش الاحتلال من القطاع.
خطة ترامب لا تطلب انسحابًا كاملاً لإسرائيل من القطاع في المرحلة الأولى ولا في الثانية، بل في وقت غير محدد مستقبلًا عندما يصبح القطاع "خاليًا تمامًا من الإرهاب". وبحسب المقترح، مع موافقة الطرفين على العرض "سينسحب جيش الاحتلال إلى الخط المتفق عليه استعدادًا لإطلاق سراح الأسرى. في هذا الوقت ستُعلّق جميع الأنشطة العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي وإطلاق المدفعية، وستبقى خطوط القتال ثابتة حتى تنضج الشروط للانسحاب الكامل على مراحل". وسيتعيّن على الجيش نقل مناطق غزة التي يسيطر عليها تدريجيًا إلى ISF (قوة تثبيت دولية مؤقتة) وفق اتفاق يُبرم مع "هيئة العبور المؤقتة" إلى أن ينسحب كليًا من غزة، مع إبقاء وجود أمني محيطي إلى أن تُؤمَّن غزة كما يجب من أي تهديد إرهابي متجدد.
أعلنت حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وتنظيمات فلسطينية أخرى في بيان مشترك أنّ الفصائل تقدّر جهود ترامب لوقف الحرب. وقال مسؤول في أحد الفصائل لصحيفة "هآرتس": "نريد خطة تشغيلية وجدولًا زمنيًا محددًا وواضحًا للانسحاب، لأنه بمجرد أن تستعيد إسرائيل الأسرى لن يبقى لدى حماس أي ورقة، وسيصبح كل شيء في يد إسرائيل". وأضاف: "إذا لم تكن هناك ضمانات لتنفيذ بقية تفاصيل الخطة فلن تُجري إسرائيل أي انسحاب. نذكّر الجميع أنّ اتفاق أوسلو وُقّع كاتفاق مرحلي لخمسة أعوام، لكنه مستمر منذ 30 عامًا".
قال موسى أبو مرزوق، القيادي في حماس، مساء اليوم لشبكة الجزيرة بعد نشر رد الحركة إن تسليم الأسرى الأحياء والجثامين خلال 72 ساعة كما حُدّد في الخطة هو أمر "نظري وغير واقعي في الظروف الحالية". وأكد أن "تطبيق بنود الخطة يتطلب تفصيلات وتفاهمات"، وأنه "لا يمكن تنفيذ الخطة من دون تفاهمات". وبحسب قوله فإن "جميع التفاصيل المتعلقة بقوة حفظ السلام بحاجة إلى إيضاحات". وأضاف أن حماس مستعدة للدخول في مفاوضات "حول جميع القضايا المتعلقة بالحركة والسلاح".
وقال قيادي آخر في الحركة، أسامة حمدان، لقناة "العربي": "لن نقبل إدارة أجنبية لقطاع غزة، ويجب إقامة جهة فلسطينية مستقلة لإدارة الملف... دخول إدارة أو قوات أجنبية إلى غزة أمر غير مقبول". وشدّد على أنه "لا يجوز لأي طرف غير فلسطيني أن يدير شؤون غزة. هناك توافق وطني فلسطيني يُلزم بأن تُدار غزة من قِبل جهة فلسطينية. محاولة إخراج حماس من العملية السياسية الفلسطينية لن تنجح". واتفق مع أبو مرزوق على أن عملية إطلاق الأسرى تتطلب أكثر من 72 ساعة، وأضاف أنه يجب التوصل إلى تفاهم بهذا الشأن. وقال: "يجب أخذ الوضع الميداني بالحسبان فيما يتعلق بالأسرى الأحياء والجثامين. نحن مستعدون للدخول في مفاوضات حول ذلك". وأردف أن الحركة تتوقع "ردًا إيجابيًا من ترامب يأخذ بعين الاعتبار المقاربة الإيجابية لحماس".
هدّد ترامب اليوم مرة أخرى حماس وقال إنه يتعيّن عليها الموافقة على مقترحه لإنهاء الحرب حتى يوم الأحد الساعة 18:00 بتوقيت الولايات المتحدة (01:00 ليلًا بتوقيت إسرائيل)، وإلا فإن "أبواب الجحيم ستُفتح على التنظيم كما لم يحدث من قبل". وكتب في حسابه على "تروث سوشيال" أن أكثر من 25 ألفًا من عناصر حماس قُتلوا بالفعل، وأنه بمجرد أن يعطي الأمر سيُقتَل الباقون، ومعظمهم "محاصرون ومطوّقون". وأضاف أنه يطلب من جميع الفلسطينيين الأبرياء الانتقال إلى "مناطق أكثر أمانًا في غزة".
قال دبلوماسيون عرب لصحيفة "هآرتس" أمس إن حماس صاغت تعديلات ستطالب بها على المقترح الذي عرضَه ترامب، لكن قطر ومصر وتركيا ضغطت عليها لتُبدي مرونة وتخفف معارضتها. وبحسب الدبلوماسيين، ركزت الدول الثلاث جهودها على منع رفض كامل للخطة، وهو ما ترى أنه سيؤدي إلى تصعيد عمليات الجيش وتدهور الوضع الإنساني في غزة.
في الأيام الأخيرة عبّر مسؤولون في حماس عن استياء من خطة ترامب. مصادر في الحركة قالت لـ"هآرتس" إنهم يتوقعون الموافقة على الخطة بشرط إدخال تغييرات، لكنهم أشاروا إلى أن الوصول إلى تفاهمات بشأن مطالبهم سيحتاج إلى أكثر من بضعة أيام. وقال قيادي في الحركة هذا الأسبوع لـBBC إن الحركة تتجه لرفض الخطة. واعتبر أن الصفقة "تخدم مصالح إسرائيل وتتجاهل مصالح الشعب الفلسطيني". وأوضح أن حماس لا تنوي التخلي عن سلاحها، وأن الحركة سترفض نشر قوة دولية في القطاع، معتبرًا أنها ستكون "شكلًا جديدًا من الاحتلال".
بدأت حماس نقاش الخطة بعد تلقيها يوم الاثنين من قطر ومصر، لكنها لم تتطرق إليها رسميًا بعد. ومنذ بدء المشاورات داخل الحركة، أبدت مصادر في حماس معارضة لأجزاء من الخطة. فمثلًا كتب مدير مكتب الإعلام في حماس بغزة، إسماعيل التوابة، أول أمس على منصة X أن خطة ترامب "لا تمثل حلًا حقيقيًا أو موضوعيًا أو عادلًا".
وبحسب الخطة، منذ لحظة الإعلان العلني عن إقرار الاتفاق، سيُطلَق سراح جميع الأسرى خلال 72 ساعة. "مع موافقة الطرفين على هذا العرض، ستنتهي الحرب فورًا. سينسحب جيش الاحتلال إلى الخط المتفق عليه استعدادًا لإطلاق سراح الأسرى. في هذا الوقت ستُعلّق كل الأنشطة العسكرية، بما فيها القصف الجوي وإطلاق المدفعية، وستبقى خطوط القتال ثابتة حتى استيفاء شروط الانسحاب المرحلي"، وفق ما ورد في المقترح الذي نُشر عقب الاجتماع في البيت الأبيض. لم يُذكر جدول زمني للانسحاب.
أبرز بنود خطة ترامب لإنهاء الحرب:
• تنتهي الحرب ويُفرَج عن جميع الأسرى خلال 72 ساعة من لحظة الإعلان العلني عن إقرار الاتفاق.
• ينسحب جيش الاحتلال إلى الخط المتفق عليه استعدادًا لإطلاق سراح الأسرى. تُعلّق كل الأنشطة العسكرية وتبقى خطوط القتال ثابتة حتى استيفاء شروط الانسحاب على مراحل. لم يُذكر جدول زمني للانسحاب.
• تُفرج إسرائيل عن 250 أسيرًا يقضون أحكامًا بالمؤبد و1,800 من الغزيين الذين اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر.
• مقابل كل أسير إسرائيلي تُعاد جثته، تُعيد إسرائيل جثامين 15 فلسطينيًا.
• يُمنَح عناصر حماس الذين سيلتزمون بالتعايش والسلام ويتخلّون عن سلاحهم عفوًا. ومن يرغب منهم في مغادرة غزة يُمنح مرورًا آمنًا إلى دول تقبل استقبالهم.
• يوافق حماس على عدم أداء أي دور في حكم غزة مباشرة أو غير مباشرة.
• تُدار غزة من قِبل إدارة انتقالية دولية يشارك فيها توني بلير، حتى تُتمّ السلطة الفلسطينية برنامج إصلاحها.
• لا يُجبَر أيّ ساكن على مغادرة غزة، ومن يرغب بالمغادرة يكون حرًا في ذلك وحرًا في العودة.
• لن تحتل إسرائيل غزة ولن تضمّها.
• يُنشر فورًا في القطاع "قوة تثبيت دولية".
• يُطلق مسار حوار بين الأديان، ومع تقدّم إعادة إعمار غزة وتنفيذ إصلاحات السلطة بأمانة قد تتوافر في النهاية شروط مسار موثوق لتقرير المصير الفلسطيني وإقامة دولة – باعتبار ذلك تطلّعًا معترفًا به للشعب الفلسطيني.