حماس لن تختفي وهذا لم يكن هدفاً حددته الحكومة خلال الحرب

يديعوت

ترجمة حضارات 

نداف ايال

لماذا يُعتبر الاتفاق الناشئ إنجازاً (لإسرائيل)؟ لأن جميع المختطفين سيعودون، ولأن الاحتلال الكامل لغزة لم يكن خياراً مطروحاً أصلاً. لكن كيف نضمن عدم عودة حماس للسيطرة على القطاع؟ الجواب يكمن في الحكمة السياسية والتصميم العسكري. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل يمكن أن ينفجر كل شيء؟

ثمة مخاوف مشروعة تُثار بشأن الصفقة المقترحة. من المشروع القلق من أن حماس قد تحاول الاحتيال وعدم إعادة جميع الرهائن. ومن المشروع أيضاً الخوف من أن تتعافى حماس وتزداد قوة، وأن تُجبر إسرائيل على الانسحاب، فتُكبّل يدها. هناك أيضاً مشكلة معلوماتية: نحن نعيش في وضع تتغير فيه تفاصيل الصفقة من ساعة لأخرى، لذا ما هو مكتوب هنا صحيح حتى هذه اللحظة فقط.

بعد عامين من الحرب، بات واضحاً أن هناك ما يمكن تحقيقه بالقوة، وما لا يمكن تحقيقه.( إسرائيل) حققت نجاحاً باهراً ضد حزب الله وإيران، وبدرجة أقل في غزة، بعد جهد عسكري هائل وعشرات الآلاف من القتلى، كثير منهم لم يشاركوا في القتال. المأساة الإنسانية – الموت الجماعي والدمار الواسع – هي السبب الرئيسي في الوضع الدولي الراهن لإسرائيل.

أُجبر جيش الدفاع الإسرائيلي على القتال في ظروف شبه مستحيلة. المعركة ضد حماس في غزة تُعد "أعظم تحدٍّ في تاريخ الجيش"، بحسب مسؤول كبير في هيئة الأركان العامة. لماذا؟ بسبب الرهائن، والصعوبات العملياتية، وحفريات حماس تحت الأرض، والاكتظاظ السكاني، والضغط الدولي.

احتلال مدينة غزة لم يكن ليُنهي الحرب، حتى في رأي الجيش نفسه. كان لا بد من تطهير المعسكرات المركزية، ثم التوجه جنوباً مجدداً. الإدارة الأميركية كانت مصممة على إنهاء الحرب بنهاية العام، لكن الجداول الزمنية لم تتطابق. ومع ذلك، فإن نهاية الحرب من دون وجود سلطة مدنية بديلة لسكان غزة لن تُفضي إلى هزيمة حماس.

٢. الاتفاق المقترح يُعدّ إنجازاً (لإسرائيل)، لأنه يُجبر حماس، في مرحلته الأولى، على التخلي عن أهم أصولها: الرهائن – جميعهم. وفي المرحلة الثانية، لا تسيطر حماس ظاهرياً على غزة، كما أن الجيش الإسرائيلي يتجه نحو انسحاب تدريجي.

٣. وفقاً للاتفاق، ستكون الإدارة في غزة فلسطينية، ومن المفترض أن تُستقدم قوات أمنية من دول المنطقة. هذه القوات، بطبيعتها، ستحد من حرية عمل الجيش الإسرائيلي. ستبقى حماس، وقد أخبرني مسؤول إسرائيلي مؤخراً أنه من الصعب، إن لم يكن مستحيلاً، فرض نزع الأسلحة الصغيرة في القطاع في مثل هذه الحالة، رغم أن خطة ترامب تنص صراحة على "إلقاء السلاح".

٤. بمعنى آخر: حماس لن تختفي. لم يكن القضاء التام على حماس هدفاً معلناً للحرب. قدراتها العسكرية والحكومية سُحقت بالفعل، وفقاً للجيش الإسرائيلي. لكن حماس حركة شعبية متجذرة في الرأي العام الفلسطيني. يمكن تدمير جيشها، وقد تم ذلك من وجهة نظر الجيش، لكن لا يمكن القضاء على المنظمة إلا بشرط واحد – ربما.

إسرائيل لم تُخطط، ولم تُعلن، نيتها احتلال غزة عسكرياً بالكامل أو القضاء على حماس كمنظمة. المؤسسة الأمنية، وحتى رئيس الوزراء، عارضوا ذلك. لم تُطرح أي رؤية واضحة.

٥. الشرط الضروري – وإن لم يكن كافياً – هو السيطرة الإسرائيلية الكاملة على غزة عبر احتلال طويل الأمد. بهذه الطريقة فقط يمكن نزع سلاح حماس بالكامل، ومحاولة ضمان عدم وجودها تنظيمياً. لكن حتى هذا الخيار لا يضمن النجاح. ومع ذلك، لم يكن هذا هدفاً معلناً لإسرائيل، ولم تُخطط له.

٦. بات واضحاً منذ أشهر أن مثل هذا الاتفاق سيُوقّع. نكرر: لن يكون هناك احتلال كامل، من وجهة نظر ترامب ونتنياهو.

السؤال هو: ما الفرق بين الاتفاق الذي كان يمكن التوصل إليه في مارس/آذار 2025، وذلك الذي يُبحث في أكتوبر/تشرين الأول 2025؟

في غضون ذلك، تكبّدت (إسرائيل) أضراراً جسيمة خلال الأشهر الماضية، وهي أضرار لا تبرر العناء العسكري. هذا موقف عبّر عنه كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم مقربون من نتنياهو. إدارة ترامب كانت مستعدة لإنهاء الحرب في الاتفاق السابق الذي توسطت فيه.

٧. قبل أكثر من عام، أبلغ رئيس الأركان هاليفي مجلس الوزراء بوجود ثلاثة خيارات في غزة: حماس، أو فتح، أو الجيش الإسرائيلي. إسرائيل لم تقبل بأيٍّ من هذه الخيارات (واصل نتنياهو رفضه لحكومة عسكرية). هذا ترك فراغاً. في أفضل الأحوال، ستقبل إسرائيل بفتح وإدارة دولية، وفي أسوأها، بمسؤولين يخضعون لإرادة حماس. سيكون هناك تأثير إقليمي ودولي، وستبدأ عملية إعادة بناء قوة حماس. لن يدخل أحد إلى جباليا بيتاً بيتاً إلا الجيش الإسرائيلي أو قوة فلسطينية منافسة لحماس – والتي قد لا تكون موجودة أصلاً.

٨. السؤال الذي يطرحه كل إسرائيلي على نفسه واضح: كيف نضمن عدم سيطرة حماس على غزة مجدداً؟ ألا تعيد بناء بنيتها التحتية العسكرية؟

الجواب: ما دام هناك غزيون، فستبقى حماس موجودة في القطاع، إلى أن يقرر الفلسطينيون خلاف ذلك. لذلك، يتطلب الأمر حكمة سياسية كبيرة لإضعاف المنظمة، وضمان عدم تنامي قوتها وسيطرتها على حكومة القطاع، بالإضافة إلى تصميم عسكري على شن هجوم جديد إذا لزم الأمر. وكما هو الحال مع حزب الله، لن يكون الصراع قصير الأمد.

٩. وفقاً لاستطلاع رأي أجرته قناة "نيوز 13" هذا الأسبوع، فإن أكثر من 70% من الإسرائيليين يؤيدون خطة ترامب. وفي يوليو/تموز، أيد 74% بالفعل إنهاء الحرب مقابل عودة المختطفين، بحسب استطلاع "نيوز 12"، بما في ذلك 6 من كل 10 ناخبين في الائتلاف. (السؤال غير دقيق؛ فإسرائيل تقبل أكثر من مجرد المختطفين كجزء من إنهاء الحرب).

الحروب الناجحة تتطلب إجماعاً شعبياً واسعاً. الغالبية العظمى من الإسرائيليين يريدون عودة الرهائن وإنهاء الحرب، وهذا مستمر منذ زمن طويل. هذا لا ينفي عزم حماس على عدم السيطرة على غزة أو الاستيلاء على السلطة فيها.

الصفقة ورؤية ترامب لا تعتبران حماس جزءاً من مستقبل غزة، لكن الاستنتاج الرئيسي هو أنه إذا تم تنفيذ هذه الصفقة، فإن المواجهة مع حماس ستستمر لفترة طويلة.

١٠. كل شيء قابل للانفجار. لا يزال كبار المسؤولين في القدس مقتنعين باستحالة تخلي حماس عن جميع الرهائن في البداية. هذه مسألة جوهرية. كلا الطرفين يسعى لإقناع ترامب والمنطقة بأن المفاوضات لم تفشل بسببهما.

الصفقة ورؤية ترامب لا تعتبران حماس جزءاً من مستقبل غزة، لكن الاستنتاج الرئيسي هو أنه إذا تم تنفيذ هذه الصفقة، فإن المواجهة مع حماس ستستمر طويلاً. علينا أن نستعد لذلك، وكما يقول الرئيس: علينا أن نتذكر السابع من أكتوبر. حماس ليست نتيجة ثانوية للصراع، بل هي إلى حد كبير جهة منتجة له. تفكيك أو سحق هذه المنظمة أمرٌ أساسي لأي رؤية للأمن والسلام في منطقتنا.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025