N12
د. أورن سيتر – عضو سابق في فريق التفاوض
الوصول إلى اتفاق في مفاوضات معقدة بهذا الشكل، وسط معارضة أيديولوجية وسياسية، يشبه الطهي في قدر ضغط. لا يكفي وجود “مكونات صحيحة” – أي البنود المقترحة – بل يجب أن تجري المفاوضات في “حرارة وضغط مرتفعين” كي تنضج إلى اتفاق. هذه المرة، ولأول مرة، تتوفر ظروف واقعية تتيح مفاوضات فعالة لإنهاء الحرب وتحرير الأسرى.
1. الأساس الأميركي
الولايات المتحدة وضعت لأول مرة على الطاولة إطارًا تفصيليًا لاتفاق شامل، حتى لو كان نقطة انطلاق فقط. في السابق، إسرائيل هي التي منعت أي اقتراح مفصل لإنهاء الحرب، سواء عبر تمسكها بصفقات جزئية حتى أغسطس الماضي أو بتمسّكها بصيغ عامة ومتشددة كانت تملي الشروط على حماس بدل أن تشكل أساسًا لمفاوضات.
2. ورقة ترامب والضغط التركي
خطة ترامب الحالية تمنح الطرفين ما يريدانه أكثر من أي شيء:
لإسرائيل: تحرير جميع الأسرى.
لحماس: إنهاء الحرب بضمانات دولية.
لكن الخطة وحدها لا تكفي، فهي بحاجة إلى "طبخ بضغط عالٍ".
الرئيس الأميركي أكثر تصميمًا من أي وقت سابق على إنهاء الحرب، وضغطه السياسي هو القوة الوحيدة القادرة على تجاوز العوائق الأيديولوجية والسياسية داخل إسرائيل التي منعت مفاوضات حقيقية حتى الآن.
إضافة إلى ذلك، نجح ترامب في إشراك تركيا بعمق في العملية، وهي بالنسبة لحماس مرجعية أيديولوجية ودينية (الإخوان المسلمون) وداعم سياسي مهم، إلى جانب قطر.
إسرائيل كانت تتجنب سابقًا إشراك تركيا، لكن قرار ترامب بإدخالها في قلب المفاوضات يضع حماس تحت ضغط سياسي غير مسبوق – بثمن قد لا يروق لإسرائيل، لكنه ضروري لإعادة الأسرى.
3. رفع مستوى التمثيل الإسرائيلي
إصرار واشنطن على أن يقود الوفد الإسرائيلي وزير، وليس مجرد فريق تقني بإشراف عن بعد، يرفع منسوب الضغط والمرونة معًا: القرار يصبح أسرع ميدانيًا والتأثير على نتنياهو في الداخل أقوى.
4. الضغط العسكري والفرصة الضائعة
صحيح أن الضغط العسكري في غزة ساعد في الوصول إلى هذه النقطة، لكن ضغطًا مشابهًا كان في مراحل سابقة ولم يُستثمر بشكل صحيح.
في عملية "مركبات جدعون" (مارس 2025)، مارست إسرائيل ضغطًا عسكريًا هائلًا لكنها سعت فقط لاتفاق جزئي لإطلاق سراح عشرة أسرى، ففشلت في تحقيقه وضاع الضغط هباء.
استئناف الضغط العسكري مؤخرًا كان ضروريًا، رغم كلفته الباهظة على الأسرى والجنود وصورة إسرائيل الدولية.
5. الموازنة بين السرعة والحذر
الوضع الحالي يتيح أملًا حقيقيًا، لكن الاتفاق معقّد ومليء بالتفاصيل، والفجوات لا تزال قائمة، وحماس — كما يصفها الكاتب — "تنظّم مفاوضاتها كما تقاتل: بصلابة وعنيدة".
لذلك، يجب الحفاظ على توازن دقيق بين أمرين:
السرعة: لأن كل يوم تأخير يعني معاناة إضافية للأسرى.
الحذر: لأن ضغطًا مفرطًا قد يؤدي لانهيار المفاوضات.
في حال الانهيار، العودة إلى الطاولة ستستغرق أسابيع أو شهورًا، مع استئناف القتال وكلفته الكبيرة.
6. ما المطلوب الآن
ينبغي ترك فرق التفاوض والوسطاء يعملون بتأنٍ على كل بند، لإغلاق الفجوات بإصرار ومرونة، مع دعم شعبي واسع ومستمر يشجع المضي نحو الاتفاق.
الكاتب:
العميد (احتياط) د. أورن سيتر – رئيس شعبة التخطيط الإستراتيجي السابق في الجيش الإسرائيلي وعضو سابق في فريق التفاوض على تحرير الأسرى.