بوس العلم من جديد

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

  

بعد قرار الاعتلال بزجّ خيرة أحرار العالم المتمثلين بأسطول الصمود في سجن النقب، طُلب مني أن أقدّم فكرة عن ظروف هذا المعتقل المأساوية، فحذرت أن يستخدم الاعتلال خبثه فيعاملهم معاملة مختلفة، ممّا يؤدي إلى تصدير صورة مزيّفة عمّا يجري هناك من فظائع لا تجد لها في جبين البشرية حيزًا لتندى عليه. الأغبياء وصلوا بهم سريعًا إلى الفعل الأخزى والأقبح. ما وصل إليه ابن غفير نهاية قبحه على مدار مسيرته الطويلة صفعهم به سريعًا بعنجهيته وأطلق العنان لذئابه المفترسة في السجون لتفعل بهم بتعليماته في معالجة الإرهابيين، وقال لهم: من يدعم الإرهابيين فهو إرهابي. يقطعهم ما أغباهم؛ جاؤوا ليدعموا المجوّعين من أطفال ونساء في غزة الذين يعتبرهم ابن غفير، على حد قوله، إرهابيين.

جريتا تونبرج مثلا جروها من شعرها وطلبوا منها أن تبوس  علمهم.. كالوا لهم بمكيال ابن غفير شتّى أنواع التنكيل والإهانة، ووصلوا إلى الذروة: (بوس العلم). هل يدرك ابن غفير ماذا يعني أن يقبّل خير أحرار العالم علم عصابة التطهير العرقي والإبادة؟ هل يدرك أن ما يفعله بهم وهو مستفرد بهم في عالمه المتصحر ما هو إلا مرآة تعكس صورته لتراه بعد أيام قليلة أحرار العالم أجمع؟ لقد صنع ابن غفير باحترافية عالية قصصًا مروعة على عدد من اصطادهم بوحشية قذرة من أعماق البحر. هذه القصص ستبقى شاخصة مزروعة في الضمير العالمي حتى يحين وقت القصاص، وحتى تعقد الإنسانية الحرة محكمتها حيث تحيل هؤلاء وكل أركان عصابته لمزابل التاريخ، هناك تحتفظ لهم أمكنة مناسبة حتى ذاك الحين، حينما تدق ساعة الحقيقة والقصاص من كل أفاك أشر.

( اذكر أخيرا أننا انتجنا مسرحية بعنوان بوس العلم قبل حوالي شهر . سننشرها مصورة قريبا . ولم يخطر ببالنا أن هذا العدوان المارق سيطال خيرة أحرار العالم اليوم . كان تفكيرنا أنها حصريا للفلسطينيين)

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025