من ومتى ستغتال إسرائيل في لبنان؟

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

تقدير موقف 

بقلم ناصر ناصر 

5-8-2021  

من ومتى ستغتال إسرائيل في لبنان؟




أعربت أوساط سياسية وعسكرية في دولة الاحتلال عن قلقها الشديد من سلسلة عمليات إطلاق القذائف والصواريخ التي تمت في الآونة الأخيرة من منطقة جنوب لبنان، وتتلخص خشية اسرائيل مما تعتبره دخولاً في مرحلة جديدة تمتلك فيها منظمات وأطراف المقاومة الرغبة والقدرة في إشعال الجبهات جميعاً معاً: الشمال (سوريا ولبنان)، مياه الخليج والضفة الغربية والقدس وجبهة غزة،وقد يزيد من هذه المخاوف زيارة وفد رفيع المستوى من حركة حماس برئاسة هنية لطهران اليوم 5-8-2021، للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس "رئيسي" مما يعتبر ارتفاعاً جوهرياً في التهديدات التي تتعرض لها دولة الاحتلال والتوسع.

فكيف ومتى سيكون الرد الإسرائيلي؟ وهل ستكتفي اسرائيل بهجماتها العسكرية المحدودة على جنوب لبنان؟

بدايةً ستحاول إسرائيل العمل على تفكيك هذه الجبهات بطريقتين: 
الأولى: تسكين جبهة غزة من خلال التوصل لتفاهمات بتخفيف الحصار على القطاع وما يجري حاليا مع القطاع يوحي بتوجه اسرائيل لهذا الاتجاه وهذا يقتضي إمكانات أفضل لحل ملف الجنود المحتجزين في غزة والتوصل لصفقة تبادل أسرى، ومن باب أولى تجنب التلاعب بصواعق التفجير المتعلقة بغزة كالقدس والشيخ جراح قدر الإمكان، وهو تحدٍ قد لا تنجح الحكومة في تجاوزه بسبب زيادة التطرف الصهيوني.

الطريقة الثانية: تعزيز التعاون والتنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي مع أجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة للحفاظ على الاستقرار في الضفة من خلال دعم الاقتصاد ومواجهة كل احتمالية للتصعيد وتحرك خلايا المقاومة في الضفة.

وقد نستنتج من هذا بأن إمكانات الضغط على الاحتلال للحصول على ما يمكن من مطالب وحقوق فلسطينية قد ارتفعت بصورة ملحوظة، وعليه فالفلسطينيون مدعوون لانتهاز هذه الفرصة بما يخدم مصلحة الوطن.

وفي مقابل هذا توجد هنالك ثلاث سيناريوهات عسكرية استراتيجية للرد الاسرائيلي على ما قد يعتبر تغيراً استراتيجياً في الشمال وهو تحديداً قيام فصائل فلسطينية، ومنها حماس بالتحكم بإشعال جبهة الشمال من خلال الإطلاق المتكرر للقذائف والصواريخ.

الأول: استمرار سياسة الرد العسكري الحالي بدرجة أو بأخرى والمتمثلة في القصف المدفعي أو تعزيز استخدام سلاح الطيران كما حصل اليوم ولأول مرة منذ 2014 في ضرب مواقع مختلفة في الجنوب بحجة انطلاق الصواريخ منها، اكتفاء اسرائيل بهذا السيناريو ضعيف ولكنه قد يستمر في كونه مركب واحد من مركبات الرد.

الثاني: توجيه ضربات مباشرة لحزب الله وهو احتمال ضعيف الى متوسط بسبب التقديرات الاسرائيلية بأن من نفذ الهجمات هي منظمات فلسطينية، وقد لا تكون قد نسقت مسبقا مع حزب الله، وما ينطبق على حزب الله ينطبق من باب أولى على الدولة اللبنانية والتي نسفت فيها الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتدهورة في لبنان نظرية الردع الاسرائيلي اتجاه لبنان والتي قامت على تدمير مرافق حيوية في لبنان مقابل هجمات حزب الله.  

بقي الاحتمال الثالث: وهو صاحب الاحتمالات الأعلى وقد يكون مركب إضافي للرد الاسرائيلي يضاف إلى السيناريو الأول وهو قيام اسرائيل باستهداف موارد من تعتبره متورطا في الهجمات من الفلسطينيين تحديداً من حركة حماس، وقد يكون ذلك على شكل اغتيال شخصيات من الحركة عسكرية بداية ثم "عسكرية سياسية".  

ورغم أن الاحتلال يعاني وباعترافه اليوم في شبكة "كان" أنه يعاني من نقص في الاستخبارات في هذا المجال، إلا انه يستطيع تجاوز ذلك بطرق متعددة.

أخيراً لا بد من التأكيد أن مجمل هذه التطورات والتهديدات تُعزز بشكل جوهري أهداف اسرائيل المفصلية في إضعاف إيران في المنطقة ومواجهتها عسكريا في البر والبحر والجو، وأهم من ذلك هو ما أعلنه رئيس الحكومة نفتالي بينت من انتهاز فرصة الأحداث لإدانة إيران دولياً وتشكيل جبهة عالمية متماسكة لمواجهة إيران وتحديداً في عصر من تعتبره رئيساً متطرفاً جديداً في إيران وهو إبراهيم رئيسي.




جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023