أمام مَشهديّةِ الثُّلَّةِ المُجاهدةِ المُبارَكةِ، الّتي تقتحمُ حُصونَ عدوّها المُحصَّنةَ بكلِّ أنواعِ التَّحصينِ المادّيّ والإلكترونيّ، من الأرضِ والجوِّ..
تلك هي عَقَبَةُ المجاهدين في غزّة، يقتحمونَها بعُنفوانِهم العظيم، وإراداتِهم المؤمنةِ الصّادقة، فيصلونَ عُقْرَ مواقعِ العدوّ العسكريّة، ويضربونَهُ على رأسِ قوّتِهِ بما امتلكوا من أدواتٍ نَحَتُوها من الصَّخر، وجاءوا بها بتدويرِ صواريخِ عدوّهم الّتي لم تنفجر.
إنَّها مَهَمَّةُ المستحيل؛ أن تُقتَحَمَ هذه العقبةُ المترسِّنةُ جوّيًّا بكلِّ أدواتِ الرّصدِ والدِّقّةِ المتناهية، والمُحاطَةِ بالميركافاة ذاتِ الحُصونِ الحديديّة الصّارمة... ومع ذلك، يقتحمون العقبة.
ولله دَرُّهُم... أيَّةُ عقبةٍ يقتحمون؟!
وفي المقابل: أمّةٌ مِلياريّة من حولهم، تقفُ عاجزةً عن اقتحامِ "المَسغَبة"، غيرُ قادرةٍ ــ بكلِّ أثقالِ دُوَلِها السياسيّة، وبكلِّ إمكاناتِها الدبلوماسيّة، وأوزانِها البتروليّة والتجاريّة ــ غيرُ قادرةٍ على اقتحامِ عقبةِ الجوع، أو إيصالِ طعامٍ لِمِسكينٍ ذَا مَتربة، أو دواءٍ لِمَشفى لا يجدُ تخديرًا لقطعِ أطرافِ جَريحٍ، وذوي الألمِ والمَرحمة.
بل ومنَّا من يقفُ عاجزًا أمام الكلمة، غيرَ قادرٍ على اقتحامِ عَقَبتِها، مُتلفِّعًا بخوفِه من سطوةِ مَن لم تُفَكَّ رِقابُهم من عُبوديّةِ مُستعمِرٍ، أو خوفٍ من مُتصهين.
ولِكُلٍّ عَقَبَتُه الّتي يُحجمُ عن اقتحامِها نصرةً لغزّة.
وكلٌّ يَعرفُ عَقَبَتَه.
﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾.