أكثرُ ما يجمعُ الناسَ في هذه الأيامِ هو كرةُ القدمِ، حيثُ يتنادَى مشجّعوا الفرقِ من كلِّ أقطارِ العالم...
لكن اليومَ، فريقُنا الذي اجتمعَ على تشجيعِه جمهورٌ عظيمٌ من أربعٍ وأربعينَ جنسية، ليس برشلونة، ولا ريال مدريد، بل هو فريقٌ يُدعى غزّة، والملعبُ هو ملعبُ غزّة، واللعبةُ ليستْ لعبةً، ولا كرةَ قدم، وإنما آلافُ كراتِ الدمِ تتقاذفُها فرقُ الموتِ المدعومةُ من كلِّ دولةٍ مجرمةٍ قرّرت الاصطفافَ والدعمَ والانخراطَ في هذه اللعبة السوداء.
جمهورُنا جاءَ إلى برشلونة من كلِّ صقاعِ المعمورةِ، وانطلقَ منها إلى تلك المباراةِ المشؤومة، وانحاز إلى فريقِ غزةَ، علَّه يُخفِّفُ من ويلاتِ مصّاصي الدماءِ الذين اخترقوا قواعدَ اللعبةِ، ونزلوا ساحةَ الملعبِ بكلِّ ما أوتُوا من بشاعةٍ في مصِّ دماءِ فريقِ غزة.
جمهورُنا الأبيُّ، الذي جهّزَ قرابةَ خمسينَ سفينةً، جاءَ مسلّحًا بنبلِه وصدقِ مشاعرِه العظيمة، أرادَ أن يُقيمَ تظاهرةً أمميةً لم يسبقْ لها مثيل.
جاءَ برسالةٍ واحدة: أوقفوا مصّاصي الدماء، وأخرجوهم من الملعب!
لم تَعُدِ المشاعرُ الإنسانيةُ النبيلةُ تحتملُ رؤيةَ أطفالِ فريقِ غزّة ونسائِهم وناسِهم يُقطَّعون ويُسحقون ويُجوَّعون، وتَنشَبُ أنيابُ عتاولةِ الإجرامِ لتمصَّ دماءَهم وأرواحَهم وكلَّ شيءٍ فيهم.
لم تَعُدِ الإنسانيةُ السليمةُ الفكرةِ والمشاعرِ تستطيعُ أن تصمتَ على هذا الهولوكوست المستمر منذ قرابةِ عامين، والعالمُ الحرُّ متفرّجٌ، أو متآمرٌ، أو متخاذلٌ، أو مشارك.
جمهورُ هذه القافلةِ العظيمُ قرّر أن يخرجَ من دائرةِ "المتفرّج" إلى دائرةِ "صانعِ الفعل"، مهما كلّفَ ذلك من تضحيةٍ وفداء.
جاءوا ليفدوا أطفالَ غزةَ بأرواحِهم.
كلُّهم من صانعي الحياة: بين مفكّرٍ، ومثقّفٍ، وفنّانٍ، كلٌّ يرسمُ الحريّةَ بطريقتِه.
جاءوا ليُواجِهوا فريقَ قتلةِ الحياة... فريقًا عمادُه كلُّ ما أنجبتْه البشريّةُ من حقدٍ، وعنصريةٍ، وساديةٍ، ونازيةٍ، وفاشية وتوحش.
وحتماً، في عرضِ البحر، كما حصلَ مع سفينتَي مَافِي مرمرة وحنظلة، ستتمُّ المواجهة.
ستأتيهم البوارجُ الحاميةُ لفريقِ مصِّ دماءِ أطفالِ غزة.
جمهورٌ عاشقٌ للحياةِ والحريةِ وجمالِ البشرية، في مواجهةِ مدمّرٍ للحياة، ساحقٍ للحرية، مشوِّهٍ للجمالِ والروحِ الإنسانية.
جمهورُنا العظيمُ حرٌّ، ومستعدٌّ لكلِّ تكاليفِ الحريّة.
شعارُه:
"فلتُنقَذْ #غزة من براثنِ النازية،
فليتوقّفِ الهولوكوست،
وليَدخُلْ عتاولتُه المصحّاتِ النفسية..."
لا بدّ أن تعودَ البشريةُ إلى روحِها الإنسانية،
ولا بدّ من خلاصِها من هذه الروح الشريرة الإمبريالية.
أيّتها البشريةُ، عودي إلى رُشدك،
وتبرّئي من هذه النازية،
وليَعُدْ ملعبُ القضيةِ إلى أصولِه الفلسطينية.