كابوس "السابع" من جديدٍ...

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

لن ينسى أعداؤُنا "السابعَ" ما دام هناك رجالٌ صار "السابعُ" روحًا تسري في شرايينهم. كلّما أوشكوا على نسيانه ومحو آثاره، قامت مجموعةٌ باقتحام حصونهم المنيعة، ودخول عُقْرِ قواعدهم المؤلَّلة بالحديد والنار، والمحمية من كلِّ جانب، والمطوَّقة بكلِّ أسباب الحيطة والحذر، ومختلف أنواع المجسّات الجوّية والأرضية والإلكترونية والبشرية.

أهؤلاء بَشَرٌ من لحمٍ ودمٍ؟ أم ملائكةٌ يُرَون ولا يُرَون؟ أم جيشٌ مُؤلَّفٌ من هؤلاء وهؤلاء؟ بل هو الأغلب...

ما طبيعةُ نفوسِهم؟ وما نوعُ الإرادات والعزائم والهمم التي تسكنها؟

من السهل أن نصفها فنقول: هي "الذّات الثوريّة" التي تحدّث عنها شريعتي، أو هم "الرِّبيُّون" الذين وصفهم القرآن: «وكأين من نبي قاتل معه رِبِّيُّون كثير...».

ولأنَّه لا نبيَّ بعد رسول الله ﷺ، فهم "الصّحابيّون الجُدُد" أو "أحباب رسول الله" الذين بشَّر بهم في آخر الزمان.

من أين جاءوا؟ ومن ربّاهم هذه التربية؟ ومن غرس فيهم هذا الإيمان الراسخ كالجبال؟ ومن أبدع في صناعة هذه الإرادة الفولاذيّة في نفوسٍ أبيّةٍ كريمةٍ عزيزة؟

أيُّ شجاعةٍ، وأيُّ جُرأةٍ، وأيُّ جسارةٍ هذه، أن يخرجوا من باطن الأرض بأجسادٍ هزيلةٍ جائعةٍ، محاصَرينَ معزولينَ، قد تخلّى عنهم القريب والبعيد، ثمّ إذا بهم يعلون فوق الأرض على مَن فوقها بكلِّ أسباب القوّة والحماية!

على ذات القاعدة (ادخلوا عليهم الباب) ضربوا الكاميرات فأعموا ابصارهم ثم اقتحموا وصاروا في قلب القاعدة ومن مسافة صفر اشتبكوا وفخخوا وفجروا ثم انسحبوا وعادوا إلى قواعدهم في عمق الارض.. وستكشف الايام أي جند أولئك المقتحمون؟!  

تسكن قلوبَهم كلمةُ: اللهُ أكبر. لا يرَون على ظهر الأرض كبيرًا سواه. أمّا أعداؤهم فما هم عندهم إلّا بعوضٌ وهَباءٌ منثور.

أيُّ نفوسٍ عظيمةٌ هذه، تعشق الموتَ في سبيل الله أضعافَ ما يعشق أعداؤها الحياةَ في سبيل الشيطان!

هؤلاء، ما دامت لهم قلوبٌ تنبض وأقدامٌ تدبّ على الأرض ـ ولو بأحذيةٍ ممزّقة ـ فإنّهم حتمًا منتصرون... حتمًا عائدون.

وذلك الخوف الذي أعلنه "النَّتِن" من "سابعٍ جديد" لم يعدْ مجرّد هاجس؛ بل أصبح حقيقةً مركوزةً في أعماقهم. صار كلُّ فلسطينيٍّ في نظرهم مشروعَ "سابعٍ" قادم.

لن يهدأ لهم بالٌ، ولن تستقرّ لهم فلسطينُ دارَ إقامةٍ وراحةٍ، ولا أرضَ سمنٍ وعسلٍ واستثمارٍ كما يحلمون.

ستبقى نارًا وجحيمًا إلى أن يرحلوا، وتتفكّك عُراهم، كما حدث مع كلِّ الكيانات الفاشيّة العنصريّة المتوحّشة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025